/م35
المفردات:
الطاغوت:أي:الشيطان وكل ما عبد من دون الله مشتق من الطغيان ،وهو تجاوز الحد ،والطاغوت يقع على الواحد والجمع ،مثال وقوعه على الواحد قوله تعالى:{يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به} .( النساء:60 ) ،ومثال وقوعه على الجمع قوله تعالى:{والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات} . ( البقرة:257 ) .
حقت:أي:ثبتت ووجبت ،يقال:حق الأمر ،يحق بفتح الحاء وكسرها ؛أي:ثبت ووجب .
{ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلالة ...} .
إن من سنته تعالى: إرسال الرسل ،وإنزال الكتب ،وتأييد رسله بالمعجزات ،وقد استمر إرسال الرسل لجميع الأمم السابقة ؛ إرشادا للبشرية وتعليما لها ،وتنبيها للعقول ،وتحذيرا للناس من مكايد الشياطين ،ومن ضلال المضلين ،قال تعالى:{رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون على الله حجة بعد الرسل وكان الله عزيزا حكيما} . ( النساء:165 ) .
وقال عز شأنه:{وإن من أمة إلا خلا فيها نذير} . ( فاطر:24 ) .
ومعنى الآية:
أرسلنا الرسل إلى جميع الخلق ،وبعثنا في كل أمة سبقت قبلكم ،رسلا كما بعثنا فيكم رسولا ،فقال الرسول لقومه:اعبدوا الله وحده لا شريك له ،واحذروا أن يغويكم الشيطان ويصدكم عن سبيل الله فتضلوا .
{فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلالة} .
أي:إن البشر كانوا بإزاء الرسل صنفان:
صنف:هداه الله إلى الإيمان ،فآمن بالرسل وبالله وباليوم الآخر ؛ففاز وأفلح ،واستحق النجاة والرضوان في الدنيا والآخرة .
وصنف:كذب بالرسل ،واستكبر عن قبول الحق ،واتبع الضلال ؛فاستحق غضب الله وعقابه .
قال الفخر الرازي:
{ومنهم من حقت عليه الضلالة} . يريد من ظهرت ضلالته ،كما يقال للظالم: حقّ ظلمك وتبين . اه . 24 .
{فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين} .أي:التفتوا حولكم أيها المشركون ، أو سيروا في جنوب الجزيرة وشمالها ، وشرقها وغربها ؛لتشاهدوا ما أصاب المكذبين ،من الدمار والهلاك ،كديار عاد وثمود ومن سار سيرتهم ممن حقت عليهم الضلالة ،وانظروا إلى آثار سخطنا عليهم ؛لعلكم تعتبرون بما حلّ بهم .