{والذين كفروا وكذبوا بآياتنا ألئك أصحاب النار هم فيها خالدون}
المفردات:
والآيات: مفردها آية وهي العلامة الظاهرة ،والمراد بها كل ما يدل على وجود الخالق ووحدانيته مما في الكون ومما نشاهده في الأنفس .
أصحاب النار: ملازموها فكأنهم ملكوها فصاروا أصحابها .
الخلود: الدوام .
التفسير:
وهذه الآية معطوفة على ما قبلها .فمن اتبع الهدى فله الفوز والنجاة .
ومن كفر بآيات الله وكذب بالقرآن وجحد أدلة الربوبية والألوهية وعتا واستكبر فهم ملازم النار خالدا فيها جزاء كفره وعناده .
في ختام القصة:
توحي قصة آدم بما يأتي:
1- التحذير من المعصية ،فهي طريق الشر والغواية .
2- الدعوة إلى التوبة والهداية .
3- فضل الله الإنسان بالعلم فكلما زاد علمه كان جديرا بخلافة الأرض .
4- المسئولية فردية فمن أخطأ استحق العقاب ومن أطاع أستحق الثواب ومن تاب تاب الله عليه .
وفي القصة دعوة الإيمان بالغيب والتسليم ،وانحناء أمام قدرة الله ،والإيمان بالنصوص كما وردت ،وتفويض المراد منها إلى الله تعالى ،يقول الأستاذ سيد قطب:
فأين الذي كان ؟وما الجنة التي عاش فيها آدم وزوجه حينا من الزمان ؟ومن هم الملائكة ؟ومن هو إبليس ؟كيف الله تعالى ؟وكيف أجابوه ؟.
هذا وأمثاله في القرآن الكريم غيب من الغيب الذي استأثر الله تعالى بعلمه ،وعلم بحكمته أن لا جدوى للبشر في معرفة كنهه وطبيعته ،فلم يهب لهم القدرة على إدراكه والإحاطة به بالأداة التي وهبهم إياها لخلافة الأرض ،وليس من مستلزمات الخلافة أن نطلع على الغيب ( 97 ) .
إن أبرز إيحاءات قصة آدم هو أن الإنسان سيد في هذا الأرض ،ومن أجله خلق كل شيء فيها ،فهو إذن أعز وأكرم وأغلى من كل شيء مادي ،ومن كل قيمة مادية ،ولا يجوز إذن أن يستعبد أو يستذل لقاء توفير قيمة مادية ،فهذه الماديات كلها مخلوقة من أجله ،من أجل تحقيق إنسانيته .فالإنسان مخلوق ليكون خليفة الله في الأرض .
وقد رفع الإسلام من شأن الإرادة في الإنسان ،فهي مناط العهد مع الله ،وهي مناط التكليف والجزاء ،إنه يملك الارتفاع على مقام الملائكة ،بحفظ عهده مع ربه ،عن طريق تحكيم إرادته وعدم الخضوع لشهواته ،والاستعلاء على الغواية التي توجه إليه ( 98 ) .بينما يستطيع الإنسان أن يشقى الإنسان أن يشقى نفسه بتغليب الشهوة على الإرادة ونسيان عهده مع الله .
ذلك وحي قصة آدم خليفة الله في أرضه ( ومفرق الطريق في عهد آدم مع ربه ،إنه إما أن يسمع ويطيع لما يتلقاه من الله وإما أن يسمع لما يمليه عليه الشيطان وليس هناك طريق ثالت .
إما الهدى وإما الضلال ،إما الحق وإما الباطل ،إما الفلاح وإما الخسران ،وهذه الحقيقة هي التي يعبر عنها القرآن كله بوصفها الحقيقة الأولى التي تقوم عليها سائر التصورات .وسائر الأوضاع في عالم الإنسان ) ( 99 ) .