المفردات:
فويل لهم: الويل في الأصل مصدر لا فعل له من لفظه ،مثل ويح ،والمعنى هلاك لهم وشدة وعذاب ،وهي كلمة دعاء .
ثم أنذر سبحانه الأحبار المحرفين للحق بالهلاك فقال:
79- فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون .
أي هلاك عظيم لهؤلاء الذين يحرفون كتاب الله وهو التوراة ،إذ يكتبونها بأيديهم ويدسون فيها أكاذيبهم وما يحفظ عليهم رياستهم وجاههم ،موهمين العوام أنها من عند الله ليحملوهم على اعتقادهم ،والتعلق بالأماني التي زينوها في التوراة ،يبتعون بهذا الفعل ثمنا قليلا هو الاحتفاظ بالرياسة ،وأكل أموال الناس بالباطل ،وهم بهذا يرتكبون أكبر جريمة ،وهي افتراء الكذب على الله ،ويختارون الباطل وينبذون الحق فيكونون بذلك كمن يبيع شيئا نفيسا غالي القيمة بثمن تافه .
قال السدى: كان ناس من اليهود كتبوا كتابا من عندهم يبيعونه من العرب ويحدثونهم أنه من عند الله ليأخذوا به ثمنا قليلا( 202 ) .
وقال الزهري ابن عباس: يا معشر المسلمين كيف تسألون أهل الكتاب عن شيء وكتاب الله الذي أنزله على نبيه أحدث أخبار الله تقرأونه غضا لم يشب ،وقد حدثكم الله تعالى أن أهل الكتاب قد بدلوا كتاب الله وغيروه ،وكتبوا بأيديهم الكتاب وقالوا هو من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا ،أفلا ينهاكم ما جاءكم من العلم عن مساءلتهم ؟ولا والله ما رأينا منهم أحدا سألكم عن الذي أنزل عليكم( 203 ) .
ومن أسباب تحريف التوراة ،ضعف علماء اليهود وانصراف الناس عنهم فعمد العلماء إلى أمور ترغب الناس فيهم وألحقوها بالتوراة وقالوا: هذا من عند الله ليقبلوه عنهم فتتأكد رياستهم ،وكان مما أحدثوا فيها أن قالوا: ليس علينا في الأميين سبيل( آل عمران: 75 ) .يعنون بالأميين العرب ،ويعنون بأنهم ليس عليهم في الأميين سبيل .أن ما أخذوا من أموالهم فهو حل لهم ،ومنه قولهم: لا يضرنا ذنب فنحن أبناء الله وأحباؤه ،وأن النار لن تمسنا إلا أياما معدودات ،إلى غير ذلك مما كذبهم الله فيه فقال: فويل لهم مما كتبت أيديهم .من تحريف كلام الله وسوء تأويله وويل لهم مما يكسبون .بالباطل من جاه ورياسة ومال .