/م108
112 - قَالَ رَبِّ احْكُم بِالْحَقِّ وَرَبُّنَا الرَّحْمَنُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ .
احكم: اقض .
بالحق: بالعدل ،والمراد بذلك تعجيل العذاب لهم .
ما تصفون: ما تقولون وتفترون من الكذب كقولكم: بل افتراه بل هو شاعر .( الأنبياء: 5 ) وقولكم: إن للرحمان ولدا .
أي: قال محمد صلى الله عليه وآله وسلم مناجيا ربه: رب احكم بالحق والعدل بيني وبين قومي الذين كذبوني ،وَرَبُّنَا الرَّحْمَانُ .رحمته واسعة وقد أرسلني رحمة مهداة ،الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ .أي: أستعين بالله وأتحصن به ،مما تصفون به الله من الشرك والكفر ،وأنه له ولد ،أو أنه ثالث ثلاثة ،وما تصفون به القرآن ،من أنه أساطير الأولين ،أو سجع كهان ،وما تصفون به محمدا من أنه كذاب أو ساحر أو شاعر .
وخلاصة ذلك: أنه طلب من ربه أن يحكم بما يظهر الحق للجميع ،وأمره ربه أن يتوعد الكفار بقوله: وَرَبُّنَا الرَّحْمَانُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ .
وقرأ أكثر القراء السبعة: قَلْ رَبِّ احْكُم بِالْحَقِّ ...بصيغة الأمر ،وهذه القراءة تدل على أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قد أمره الله تعالى أن يقول ذلك .
من تفسير ابن كثير:
قَالَ رَبِّ احْكُم بِالْحَقِّ .
أي: افصل بيننا وبين قومنا المكذبين بالحق ،قال قتادة: كانت الأنبياء عليهم السلام يقولون: رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ .( الأعراف: 89 ) .وأمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يقول ذلك ،وعن مالك ،عن زيد بن أسلم: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا شهد غزاة قال: رَبِّ احْكُم بِالْحَقِّ .وقوله:
وَرَبُّنَا الرَّحْمَنُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ .
أي: على ما يقولون ويفترون من الكذب ،ويتنوعون في مقامات التكذيب والإفك ،والله المستعان عليكم في ذلك .1 ه .
وقرئ تصفون .بالتاء والياء .
قال الزمخشري:
كانوا يصفون الحال على خلاف ما جرت عليه ،وكانوا يطمعون أن تكون لهم الشوكة والغلبة ،فكذب الله ظنونهم ،وخيب آمالهم ،ونصر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والمؤمنين ،وخذل الكافرين .