حجاج إبراهيم لأبيه وقومه ودعوتهم إلى التوحيد
{وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِن قَبْلُ وَكُنَّا بِه عَالِمِينَ ( 51 ) إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ ( 52 ) قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءنَا لَهَا عَابِدِينَ ( 53 ) قَالَ لَقَدْ كُنتُمْ أَنتُمْ وَآبَاؤُكُمْ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ ( 54 ) قَالُوا أَجِئْتَنَا بِالْحَقِّ أَمْ أَنتَ مِنَ اللاعبين ( 55 ) قَالَ بَل رَّبُّكُمْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ وَأَنَا عَلَى ذَلِكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ ( 56 ) وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُم بَعْدَ أَن تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ ( 57 ) فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا إِلَّا كَبِيرًا لَّهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ ( 58 ) قَالُوا مَن فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ ( 59 ) قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ ( 60 ) قَالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلَى أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ ( 61 ) قَالُوا أَأَنتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ ( 62 ) قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِن كَانُوا يَنطِقُونَ ( 63 ) فَرَجَعُوا إِلَى أَنفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنتُمُ الظَّالِمُونَ ( 64 ) ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُءُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلَاء يَنطِقُونَ ( 65 )} .
التفسير:
51 - وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِن قَبْلُ وَكُنَّا بِه عَالِمِينَ .
الرشد: الاهتداء إلى وجوه الصلاح في الدين والدنيا ،والاسترشاد بالنواميس الإلهية .
أي: ولقد آتينا إبراهيم ما فيه صلاحه وهداه ،من قبل موسى وهارون ،ووفقناه للحق وأضأنا له سبيل الرشاد ،وأنقذناه من عبادة الأصنام .
وكنا به عالمين .
وكنا عارفين أنه على يقين بالله ،جامع لأحسن الفضائل ،ومكارم الأخلاق ،وجميل الصفات .
وقال الفراء: أعطيناه هداه ورشده من قبل النبوة والبلوغ ،أي: وفقناه للنظر والاستدلال على وحدانية الله ؛لما جن عليه الليل فرأى النجم والقمر ثم رأى الشمس ،وعلى هذا جرى كثير من المفسرين .
ويجوز أن تتسع الآية لتشمل المعنيين ؛فإبراهيم أبو الأنبياء وقد وجد في الزمن قبل موسى وهارون ؛وقد آتاه الله الرشد والتوفيق ،وحسن التأني للأمور قبل الرسالة ،وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء .