/م12
12 - لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ .
لولا: كلمة بمعنى هلا ،تفيد الحث على فعل ما بعدها .
مبين: ظاهر مكشوف .
هلا إذ سمعتم هذا الكلام ،ظننتم خيرا بأفراد ملتكم ومجتمعكم .
ثم إن عائشة لها منزلتها ،فهي زوج النبي صلى الله عليه وآله وسلم وابنة أبي بكر ،وهي أم المؤمنين وحرمتها عليهم كحرمة أمهاتهم .
والشخص الذي رميت به صحابي جليل مجاهد عفيف ،حيث أقسم بالله أنه ما كشف عن كنف أنثى قط ،أي في حرام .
فكان أولى بالمسلمين إذ سمعوا هذه الشائعة ألا يصدقوها ،ولكنهم ظنوا أسوأ ما يكون الظن بأنفسهم ،وبأخلاق مجتمعهم ،وكانت طبيعة الإيمان تقتضي أن ينفر المسلم من سماع هذا الإثم ،وأن يعلن رفضه بدون تردد ،وأن يقول: هذا كذب ظاهر ملفق ،وفرية صريحة ،وبهتان عظيم ،لا أساس له من الحقيقة والواقع .
قال الزمخشري:
فإن قلت: هلا قيل: ( لولا إذ سمعتموه ظننتم بأنفسكم خيرا ) ؟ولم عدل عن الخطاب إلى الغيبة ؟وعن الضمير إلى الظاهر ؟قلت: ليبالغ في التوبيخ بطريقة الالتفات ،وليصرح بلفظ ( اّلإيمان ) دلالة على أن الاشتراك فيه مقتض ألا يصدق مؤمن على أخيه ،ولا مؤمنة على أختها ،قول عائب ولا طاعن ،وفيه تنبيه على أن حق المؤمن ،إذ سمع مقالة في أخيه أن يبني الأمر فيها على الظن الحسن ،لا على الشك ،وأن يقول بملء فيه – بناء على ظنه بالمؤمن الخير -: هذا إفك مبين ،هكذا باللفظ المصرح ببراءة ساحته ،كما يقول المستيقن المطلع على حقيقة الحال ،وهذا من الأدب الحسن الذي قل القائم به والحافظ له ،وليتك تجد من يسمع فيسكت ،ولا يشيع ما سمعه بأخوات !.انتهى .
وينبغي أن يكون الأساس للروابط الاجتماعية في المجتمع الإسلامي ظن الناس فيما بينهم خيرا ،فالأصل هو أن الإنسان برئ إلى أن تثبت إدانته .