/م59
المفردات:
قرارا: مكانا يقر عليه الإنسان وغيره ،بمعنى يستقرّ .
خلالها: بين جهاتها المختلفة .
حاجزا: مانعا بين العذب والملح حتى لا يبغي أحدهما على الآخر .
التفسير:
61-{أمن جعل الأرض قرارا وجعل خلالها أنهارا وجعل لها رواسي وجعل بين البحرين حاجزا أإله مع الله بل أكثرهم لا يعلمون}
من الذي جعل الأرض مستقرة ليتمكن الإنسان من الحياة عليها ،والاستفادة بخيراتها ،إن موقع الأرض ودورانها حول نفسها ،ودورانها حول الشمس ،وموقعها من القمر ،وحركة الشمس التي ترسل أشعتها على المحيطات فيتصاعد البخر ويتشكل السحاب والرياح ،والأمطار التي تصبّ بقدرة الله في مكان ،وتصرف عن مكان: كل هذا الإعمار والتقدير والتكامل في الكون لابد أن يلفت أنظاركم وعقولكم وتأملكم لتسألوا أنفسكم: من الذي بسط الأرض وجعلها قرارا ؟من الذي سخر خلالها أنهارا ليشرب منها الإنسان والحيوان والنبات ؟من الذي خلق الجبال الرواسي بحكمة عالية ،ونشرها على سطح الأرض لحفظ توازنها ،واحتباس الأمطار في رءوس الجبال في الشتاء ،ليستفيد منها الإنسان في الصيف ،وللجبال منافع عدة ،ففوق رءوسها هبطت الرسالات ،وفيها ملجأ للهارب ،وأمطارها وسيلة للسقي والريّ لوديان لا تصعد إليها المياه ،وغير ذلك من المنافع .
{وجعل بين البحرين حاجزا ..}
أي: خلق المحيطات وفيها مياه مالحة لحياة السمك والمعادن واللآلئ والحيتان ،وسفر البواخر والبوارج ،ولو كانت مياهها عذبة لأنتنت وتلوث الهواء ،وجعل أنهار النيل ودجلة والفرات وغيرها من الأنهار للسقيا ونفع البلاد والعباد .
وهناك حاجز من قدرة الله بين العذب والملح ،فلا يطغى أحدهما على الآخر ،بل بينهما تكامل نظمته يد القدرة الإلهية ،قال تعالى:{مرج البحرين يلتقيان*بينهما برزخ لا يبغيان} [ الرحمان: 19 ،20] أي خلق البحرين العذب والملح ،وجعل بينهما حاجزا من القدرة الإلهية ،فلا يطغى أحدهما على الآخر .
{أإله مع الله ...}
أي: أبعد كل هذه الأعمال الجليلة التي أبدعها الله وحده ،تعتقدون أن معه آلهة أخرى كالأصنام والأوثان ؟والاستفهام هنا إنكاري لعبادتهم غير الله .
{بل أكثرهم لا يعلمون}
أي: أكثر هؤلاء الكافرين لا يعلمون ما يتحتم عليهم معرفته من العلم الحق ،الذي يوجب عليهم إخلاص عبوديتهم لله سبحانه وتعالى .