/م51
المفردات:
يدرءون: يدفعون .
التفسير:
54-{أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا ويدرءون بالحسنة السيئة ومما رزقناهم ينفقون}
هؤلاء المؤمنون بالقرآن والإسلام من أهل الكتاب يضاعف لهم الثواب ،ويؤتون أجرهم مرتين: الأولى: لإيمانهم بنبيهم موسى ،أو نبيهم عيسى ،وصبرهم على اتباع تعاليم اليهودية أو المسيحية ،والثانية: لإيمانهم بالقرآن ورسالة محمد صلى الله عليه وسلم ودخولهم في الإسلام ،وصبرهم على الأذى ،واحتمالهم الإساءة ممن يعيرهم بذلك ،أو يعيب عليهم الدخول في الإسلام وقد مدحهم الله بما يأتي:
1- الثبات على الإيمان والصبر وتحمل تبعات الإيمان .
2- مقابلة الإساءة بالإحسان .
3- الإنفاق من النفس والمال والعلم وسائر ما رزقهم الله .
وقد وردت عدة روايات في تفسيري القرطبي وابن كثير ،وسيرة ابن إسحاق ،تفيد أن مجموعة من أهل الكتاب ،أو من علماء النصارى أو أحبار اليهود ،أو أصحاب النجاشي ،قدمت على النبي صلى الله عليه وسلم ،فسألوه عن هذا الدين ،ثم قرأ عليهم القرآن ففاضت عيونهم بالدمع ،ودخلوا في الإسلام ،واستجابوا لله وآمنوا به وصدقوه ،وعرفوا منه ما كان يوصف لهم في كتابهم من أمره ،فلما قاموا من عند النبي صلى الله عليه وسلم بالمسجد الحرام بمكة ،اعتراضهم أبو جهل ووبخهم على ترك دينهم ،وتصديقهم محمدا ،فقالوا لأبي جهل ومن معه: سلام عليكم ،لا نجاهلكم ،لنا ما نحن عليه ،ولكم ما أنتم عليه ،وقد قيل: إنهم النفر النصارى من أهل نجران ،ونقل ابن إسحاق أنهم قدموا بمكة على رسول الله ،وكانوا عشرين رجلا أو قريبا من ذلك ،وأخرج ابن جرير أنهم كانوا عشرة من أهل الكتاب .
وفي تفسير ابن كثير: قال سعيد بن جبير: نزلت هذه الآية وما بعدها ،في سبعين من القسيسين بعثهم النجاشي .. فأسلموا ،وإذا تأملنا في هذه الروايات ،نقول: لعل حضور وفد من أهل الكتاب تكرر أكثر من مرة ،فحينا كان عشرة ،وحينا كان عشرين ،وحينا كان سبعين ،فذكرت كل رواية قصة وفد معين ،وعموما فالعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب .
وقد ورد في صحيحي البخاري ومسلم روايات عديدة تفيد أن من آمن من أهل الكتاب بالإسلام فله أجران ،فعن أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ثلاثة يؤتون أجرهم مرتين: رجل من أهل الكتاب آمن بنبيه ثم آمن بي ،وعبد مملوك أدى حق الله وحق مواليه ،ورجل كانت له أمة فأدبهافأحسن تأديبها ثم أعتقها ،فتزوجها )xx .
وروى أبو إمامة قال: إني لتحت راحلة رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح ،فقال قولا حسنا جميلا ،و قال فيما قال: ( من أسلم من أهل الكتابين فله أجره مرتين ،وله ما لنا وعليه ما علينا )xxi .