{وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مريم واخذنا منهم ميثاقا غليظا ..}
المفردات:
ميثاقهم : عهدهم بالدعوة إلى دين الله .
ميثاقا غليظا : عهدا عظيم الشأن أو قويا متينا .
التفسير:
واذكر إذ أخذنا من النبيين ميثاقهم أي العهد المؤكد على ان يبلغوا الرسالة ،ويدعوا أممهم إلى الحق .والصبر والتعاون والتناصر وإقامة الدين وعدم التفرق فيه هذا العهد أخذه الله على المرسلين عامة في تبليغهم الرسالة ،والتزامهم بتحمل تبعة القيادة وتربية الأمة ثم خصص خمسة من أولي العزم من الرسل لشهرتهم ونجاح دعوتهم وأهمية رسالتهم فقال: ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مريم ...وقدم محمدا صلى الله عليه وسلم لأنه صاحب الرسالة الخاتمة ،ولأنه المخاطب هنا ثم ذكر أربعة بعده حسب تسلسلهم التاريخي وهم نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مريم نوح هو الأب الثاني للبشرية وإبراهيم أبو الأنبياء وموسى صاحب التوراة والصبر على بني إسرائيل وعيسى آخر نبي قبل محمد ونسبه إلى أمه مريم لينفي عنه ما شاع من أنه ابن الله فهو عبد الله ورسوله .
{وأخذنا منهم ميثاقا غليظا ...} تأكيد للميثاق السابق أي:عهدا مؤكدا .
قال القرطبي: أي عهدا وثيقا عظيما على الوفاء بما التزموا به من تبليغ الرسالة وأن يصدق بعضهم بعضا والميثاق هو اليمين بالله تعالى فالميثاق الثاني تأكيد للميثاق الأول باليمين وقيل:الأول هو الإقرار بالله تعالى والثاني في أمر النبوة ونظير هذا قوله تعالى: وإذ أخذ الله ميثاق النبيئين لما ءاتيناكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال ءأقررتم واخذتم على ذالكم إصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين .( آل عمران: 81 ) .
أي:أخذ عليهم أن يعلنوا أن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم ويعلن محمد صلى الله عليه وسلم ألا نبي بعده . 17
وقد صرح القرآن بأولى العزم هنا وفي قوله تعالى: شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه ..( الشورى: 13 ) .
قال ابن كثير: فهذه الوصية التي أخذ عليهم الميثاق بها .
{وأخذنا منهم ميثاقا غليظا ...} أي عهدا عظيم الشأن وكيف لا ؟وقد يعترضه من الماكرين والمحادين والمشاقين ما تزول منه الجبال لولا الاعتصام بالصبر عليه .