تناقض الكفار واستقامة المؤمنين
{وإذا مس الإنسان ضر دعا ربه منيبا إليه ثم إذا خوله نعمة منه نسي ما كان يدعوا إليه من قبل وجعل لله أندادا ليضل عن سبيله قل تمتع بكفرك قليلا إنك من أصحاب النار ( 8 ) أمن هو قانت أناء الليل ساجدا أو قائما يحذر الآخرة ويرجوا رحمة ربه هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب ( 9 ) قل يا عباد الذين آمنوا اتقوا ربكم للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة وأرض الله واسعة إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب ( 10 )}
المفردات:
ضر: شدة من البلاء والفقر .
منيبا إليه: راجعا إليه .
خوله نعمة: أعطاه وملكه نعمة عظيمة ،والأصل: أعطاك خولا – بفتحتين – أي: عبيدا وخدما ،ثم عمم لمطلق العطاء .
التفسير:
8-{وإذا مس الإنسان ضر دعا ربه منيبا إليه ثم إذا خوله نعمة منه نسي ما كان يدعوا إليه من قبل وجعل لله أندادا ليضل عن سبيله قل تمتع بكفرك قليلا إنك من أصحاب النار} .
من شأن الإنسان أن يذكر ربّه ويتضرع إليه في البأساء والشدة ،وأن يلجأ إليه عند المرض والمصاب والأمر الجلل ،ثم إذا أنعم الله عليه بالنعم المتعددة ،نسي الشدّة التي لجأ إلى الله من أجلها ،أو نسي الربّ الذي دعاه في البأساء ،وأخذ يتقرب إلى الأنداد والشركاء ،التي يضلّ بها عن سبيل الله وطريقه ،وهنا يهدد الله المعرضين عنه بالعذاب الشديد في الآخرة ،وينذر المُعرض بأن ما يتمتع به في الدنيا ،من جاه أو مال أو سلطان عرض على حائل ،ثم عند الموت يجد النار أمامه ،جزاء كفره ،أو جزاء تضرّعه إلى الله في الضرّاء ،ثم الإعراض عنه عند النعماء .
والآية عامة ،واستظهر أبو حيان أن المراد بالإنسان جنس الكافر ،وقيل: المراد بالآية عتبة بن ربيعة وأبو جهل .
وعلى هذا يكون معنى الآية: وإذا مسّ الإنسان الكافر ضرّ وبلاء أو مرض وبأساء ،دعا الله تعالى وحده مخلصا له في العبادة والتضرع ،ثم إذا منّ الله عليه بالنعماء والرخاء ،نسي الدعاء الذي كان يدعوا به ،أو نسي من كان يدعوه من قبل ،أو نسي الضرّ الذي كان يدعوا الله إلى إزالته وكشفه ،وجعل لله أوثانا وأصناما وشركاء ،يعبدهم ضالا عن طريق الله تعالى ،فقل له يا محمد: تمتع بكفرك متاعا قليلا ،مدة الدنيا ومتاع الدنيا قليل ،أما في الآخرة فمآلك جهنم لعبادة غير الله ،أي: قد أبيت أن تستمر على دعاء الله ،والإخلاص له في النعماء والرخاء ،فاستمتع بهذا الكفر الذي أنت فيه تمتعا قليلا ،لا ينجيك من عذاب النار في الآخرة .