المفردات:
فلم يك ينفعهم إيمانهم: فلم يصح ولم يستقم ،لامتناع قبول الإيمان بعد فوات الأوان .
سنة الله: أي: سنّ الله ذلك سنة ماضية في العباد ،ألا ينفعهم الإيمان وقت نزول العذاب .
وخسر هنالك الكافرون: وهلك في مكان نزول العذاب الكافرون .
التفسير:
85-{فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا سنة الله التي قد خلت في عباده وخسر هنالك الكافرون} .
أعطى الله الإنسان العقل والإرادة والاختيار ،وجعل ذلك مناط التكليف ،ومن سنة الله تعالى الماضية في السابقين واللاحقين أنه لا يقبل الإيمان في حالة الإلجاء والاضطرار ،كإيمان فرعون حين رأى الغرق أعلن إيمانه بعد أن عصى واستكبر وأعلن الفساد والعناد ؛فلم يقبل منه الإيمان ،ونجى الله بدنه فقط ليحنط ويظل دليلا ملموسا على عاقبة الظلم والفساد ،وعلى أن الإيمان لا ينفع صاحبه عند رؤية العذاب ؛لأنه إيمان عن إلجاء واضطرار لا عن رويّة واختيار .
قال ابن كثير:
وحدّوا الله وكفروا بالطاغوت ،ولكن حيث لا تقال العثرات ،ولا تنفع المعذرة ،وهذا كما قال فرعون حين أدركه الغرق:{آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين} . ( يونس:90 ) ،فلم يقبل الله منه ،لأنه قد استجاب لنبيه موسى عليه السلام{[639]} .
وهكذا قال تعالى: ههنا:{فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا سنة الله التي قد خلت في عباده ...}
أي: هذا حكم الله في جميع من تاب عند معاينة العذاب أنّه لا يقبل ،ولهذا جاء في الحديث:"إن الله تعالى يقبل توبة العبد ما لم يُغرغر"{[640]} ،ولهذا قال تعالى:{وخسر هنالك الكافرون} . ا ه .