/م21
المفردات:
تدمر: تهلك .
فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم: فاجأتهم الريح فدمرتهم ،ولم يبق شيء يرى إلا مساكنهم .
كذلك نجزي القوم المجرمين: بمثل تلك العقوبة يجزي الله كل من كذب رسله .
التفسير:
25-{تدمر كل شيء بأمر ربها فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم كذلك نجزي القوم المجرمين} .
إنها جزء من هذا الكون الخاضع لأمر الله ،المسبح بحمده ،فهذه الريح تحولت إلى عذاب أليم ،وإلى ريح صرصر عاتية ،تأخذ بأنفاس المكذبين وتقطع رقابهم .
وقد ورد أنهم حفروا لأنفسهم حفرا ،وربطوا أنفسهم بالسلاسل ،وتركوا رقابهم فوق الأرض ،فكانت الريح تقطع أعناقهم ،وتترك أجسامهم ،كالنخلة الهالكة التي قطع أعلاها المثمر المفيد وترك أسفلها قليل الفائدة .
وفي سورة الحاقة يقول الله تعالى:{وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ ( 6 ) سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ ( 7 ) فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ ( 8 )} .( الحاقة: 6-8 ) .
لقد أهلكهم الله هلاكا مدمرا ،جزاء عتوهم وكفرهم وعنادهم ،وجعل مثل هذا الهلاك لكل من أجرم وكفر .
{كذلك نجزي القوم المجرمين} .
أي: مثل تلك العقوبة التي نزلت بعاد قوم هود ،يعاقب الله بها كل من أجرم وكذب وعتا وتكبر ،وكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر .
قال الإمام فخر الدين الرازي: والمقصود منه تخويف أهل مكة .
وفي السنة الصحيحة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا عصفت الريح يقول: ( اللهم إني أسألك خيرها وخير ما فيها ،وخير ما أرسلت به ،وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها ،وشر ما أرسلت به ) .فإذا تخيلت السماء تغير لون الرسول صلى الله عليه وسلم ،وخرج ودخل ،وأقبل وأدبر ،فإذا أمطرت سُرِّى عنه ،فسألته أم المؤمنين عائشة فقال: ( لعله يا عائشة كما قال قوم هود:{فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا ...}25 ( الأحقاف: 24 ) ) .
أخرج الحديث مسلم ،والترمذي ،والنسائي ،وابن ماجة ،عن عائشة ،وأورده ابن كثير في تفسير الآية مع غيره من الأحاديث النبوية .