المفردات:
ملوكا: أحرار ،عندكم ما تملكون به من أموركم ،بعد أن كنتم مملوكين للفراعنة .
التفسير:
20-ِ و إذ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ ...الآية .
من شأن القرآن أن يلون في موعظة ،وأن ينتقل القارئ من الخطاب إلى الغائب ؛ترويجا للنفس وتنشيطا للذهن .
والمعنى: واذكر لهم- أيها الرسول- ما حدث من أسلافهم وقت أن قال موسى- عليه السلام- لقومه ناصحا لهم:
يَا قَوْمِ اذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ .تذكروا إنعام الله عليكم ،وموسى يذكرهم بألوان النعم التي تفضل الله بها عليهم .ومنها على سبيل المثال:
1- فجر الله لهم من الصخر ينابيع في جوف الصحراء .
2- أنزل الله عليهم المن والسلوى طعاما سائغا من أيسر سبيل .
3- أرسل إليهم الرسل والأنبياء .
4- فضلهم على عالمي زمانهم حين اتبعوا أمر التوراة والتزموا بتعاليم السماء .
5- نجاهم من فرعون وأغرق فرعون وقومه .
6- ملكهم شئون أنفسهم بعد أن كانوا عبيدا لفرعون يذبح أبناءهم ويستحيي نساءهم فنجاهم منه وجعل أمر أنفسهم بأيديهم .
7- أنزل التوراة على موسى وفيها الهداية والرحمة لهم .
إلى غير ذلك من النعم ؛ومنها أيضا قصة البقرة التي أمروا بذبحها وضرب قتيل بذنبها فيقوم ويقول: قتلني فلان .
إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنبِيَاء وَجَعَلَكُم مُّلُوكًا .أي: لأنه جعل فيكم أنبياء كثيرين ،ولم يبعث في أمة من الأمم من الأنبياء مثل ما بعث في بني إسرائيل .
وَجَعَلَكُم مُّلُوكًا .أي: جعلكم أحرارا تملكون أمر أنفسكم وأموالكم ،بعد أن كنتم عبيدا مستذلين لفرعون وجنده .
وقال عبد الرزاق عن ابن عباس في قوله: وَجَعَلَكُم مُّلُوكًا .
قال: الخادم والمرأة و البيت .
وعنه قال: كان الرجل من بني إسرائيل إذا كان له الزوجة والخادم والدار ؛سمى ملكا .وقال الحسن البصري: هل الملك إلا مركب وخادم ودار ،رواه ابن جرير .
وقال السدي في قوله: وَجَعَلَكُم مُّلُوكًا ،قال: يملك الرجل منكم نفسه وماله وأهله ،وقد ورد في الحديث:"من أصبح منكم آمنا في سربه ،معافى في جسده ،عنده قوت يومه ،فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها "{[195]} .
وروى ابن جرير الطبري ،أن رجلا قال لعبد الله بن عمرو بن العاص: ألسنا من فقراء المهاجرين ؟.
فقال عبد الله له: ألك امرأة تأوي إليها ؟قال نعم .
قال: ألك مسكن تسكنه ؟قال: نعم .
قال: فأنت من الأغنياء .
فقال الرجل: إن لي خادما ،قال: فأنت من الملوك .
وَآتَاكُم مَّا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِّن الْعَالَمِينَ .وأعطاكم من النعم ما لم يعط غيركم من العالمين ،إذ نجاكم من عدوكم ،وشق البحر لكم ،وأغرق فرعون وجنوده ، وأظلكم بالغمام ، وانزل عليكم المن والسلوى وغير ذلك .