/م7
المفردات:
وظاهروا: وساعدوا .
أن تولوهم: أن تكونوا أولياء وأنصار لهم .
التفسير:
9-{إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} .
إما ينهى الله تعالى عن موالاة المقاتلين ،أو التقرب إليهم ،أو كشف الأسرار لهم ،مثل أهل مكة الذين قاتلوا المسلمين ،وأخرجوهم من ديارهم ،وعاونوا وساعدوا في إخراجهم ،هؤلاء وأشباههم من المقاتلين ،أمثال اليهود في إسرائيل الذين يُقتّلون إخواننا الفلسطينيين ،ويخرجونهم من ديارهم ،ويتعاونون على إخراجهم ،هؤلاء وأمثالهم من الفئات والدول المعتدية على المسلمين ،لا تجوز مودّتهم ولا نقل أخبار المسلمين إليهم .
وقد ذكر زيد وقتادة أن موادعة المسالمين وترك قتالهم ،كان في صدر الإسلام ،ثم نُسخ ذلك بقوله تعالى:{فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم} ... ( التوبة: 5 ) .( انظر تفسير القرطبي ) .
والذي عليه جمهور العلماء أنه لا نسخ ،لأن الآيات تقرر حكما يتفق مع شريعة الإسلام في كل زمان ومكان ،وهو أننا لا نؤذي من آذانا ،ولا نقاتل إلاّ من أظهر العداوة لنا بأية صورة من الصّور ،والنبي صلى الله عليه وسلم كان يستقبل الوفود التي تأتيه لمناقشته في بعض الأمور ،مقابلة كريمة ،ويتجلّى ذلك فيما فعله مع وفد نجران ووفد تميم وغيرهما .
والإمام ابن جرير الطبري عند تفسير هذه الآيات ذكر آراء من قال إن فيها نسخا ،وآراء من قال إنها محكمة لا نسخ فيها ،ثم عقب على ذلك بقوله تعالى: وأوْلى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال: عنى بقوله تعالى:
{لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ ...}
جميع أصناف الملل والأديان ،أن تبرّوهم وتصلوهم وتقسطوا إليهم ... ويشمل كل من كانت صفته كذلك ،دون تخصيص لبعض دون بعض .
ولا معنى لقول من قال: ذلك منسوخ ،لأن برّ المؤمن من أهل الحرب ،ممن بينه وبينهم قرابة نسب ،أو ممن لا قرابة بينه ولا نسب ،غير محرّم ،ولا منهي عنه ،إذا لم يكن في ذلك دلالة له ،أو لأهل الحرب على عورة لأهل الإسلام ،أو تقوية لهم بكراع أو سلاح . xii
وفي آخر الآية نجد هذا التعقيب:
{وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} .
أي: لا تتخذوا من عاداكم وقاتلكم وأخرجكم من دياركم ،أحبابا وأصفياء وأنصارا
{وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} .
ومن يتخذ هؤلاء المعتدين أولياء وأحبابا ،فإنه يكون ظالما لدينه ولأمته ولنفسه ،حيث والى أعداء دينه وأعداء أمته .