المفردات:
يذرهم: يتركهم .
يعمهون: يتحيرون .
التفسير:
{186 – من يضلل الله فلا هادي له ...} الآية .
أي: إن الله قد جعل هذا الكتاب أعظم أسباب الهداية للمتقين لا للجاحدين المعاندين ،وجعل الرسول المبلغ له أقوى الرسل برهانا ،وأكملهم عقلا ،وأجملهم أخلاقا ،فمن فقد الاستعداد للإيمان بهذا الكتاب وهذا الرسول ؛فهو الذي أضله الله ،أي: الذي قضت سنته في خلق الإنسان ،وارتباط أعماله بأسباب تترتب عليها مسبباتها ،بأن يكون ضالا راسخا في الضلال ،وإذا كان ضلاله بمقتضى تلك السنن ،فمن يهديه من بعد الله ؟ولا قدرة لأحد من خلقه على تغيير تلك السنن وتبديلها .
{ويذرهم في طغيانهم يعمهون} .
أي: ويتركهم في تجبرهم الذي جازوا به حدود الله .{يعمهون} يتحيرون ويتخبطون .
قال تعالى:{ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور} . ( النور: 40 ) .
من تفسير المراغي:
والخلاصة: أنه ليس معنى إضلال الله لهم ،أنه أجبرهم على الضلال ،وأعجزهم بقدرته عن الهدى ،فكان ضلالهم جبرا لا اختيارا ،بل المراد: أنه لما مرنت قلوبهم على الكفر والضلال ،وأسرفوا فيهما ،حتى وصلوا إلى حد العمه في الطغيان ؛فقدوا بهذه الأعمال الاختيارية ،ما يضادها في الهدى والإيمان ،فأصبحت نفوسهم لا تستنير بالهدى ،وقلوبهم لا ترعوى لدى الذكرى75 .
{بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون} . ( المطففين: 14 ) .