المفردات:
حرج: ضيق .يقال: حرج المكان ،أو الصدر يحرج حرجا ،ضاق ،وهو كقوله تعالى: فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك وضائق به صدرك .( هود: 12 ) .والحرج أيضا شدة الضيق .
كتاب أنزل إليك فلا يكن في صدرك حرج منه ...الآية .
أي: هذا كتاب كريم أنزلناه إليك يا محمد فيه هداية الثقلين ،فبلغ تعاليمه للناس ،ولا تحزن أو تضجر إذا وجدت من بعضهم صدودا عنك ، فما عليك إلا البلاغ ،وعلى الله الحساب .
ولقد كان صلى الله عليه وآله وسلم يتألم ويحزن ؛لانصراف قومه عن هداية الله رغم وضوحها وبيانها ،وكان القرآن الكريم يواسيه ويحثه على الصبر والتسلية ،وعدم الحزن ،كما في قوله تعالى: لعلك باخع نفسك ألا يكونوا مؤمنين .( الشعراء: 3 ) .
وكما في قوله تعالى: ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون .
( الحجر: 97 ) .
وكما في قوله سبحانه: ليس عليك هداهم ...( البقرة: 272 ) .
وكما في قوله تعالى: إن عليك إلا البلاغ ...( الشورى: 48 ) .
وقريب من ذلك قوله سبحانه: فلا تأس على القوم الفاسقين .
( المائدة: 26 ) .
وقوله تعالى: فلا تذهب نفسك عليهم حسرات إن الله عليم بما يصنعون .( فاطر: 8 ) .
وقد فسر بعض العلماء الحرج بالشك وهو معنى مجازي للحرج ،أي: لا يكن في صدرك شك ولا لبس في كون هذا القرآن كتاب الله .
قال الآلوسي:
قوله تعالى: فلا يكن في صدرك حرج منه .أي: شك ،وأصله: الضيق واستعماله في الشك مجاز علاقته اللزوم ،فإن الشاك يعتريه ضيق الصدر ،كما أن المتيقن يعتريه انشراحه وانفساحه .
لتنذر به .
أي: لتنذر به قومك وسائر الناس .
وذكرى للمؤمنين .
أي: لتذكر به أهل الإيمان والطاعة ذكرى نافعة مؤثرة ؛لأنهم هم المستعدون لذلك ،وهم المنتفعون بإرشادك ،فالكتاب يذكرهم آنا بعد آن بربهم ،وما يحق له من الطاعة .
قال تعالى: وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين .( الذاريات: 55 ) .
وقال تعالى: تبصرة وذكرى لكل عبد منيب .( ق: 8 ) .
وقال تعالى: إنما يتذكر أولوا الألباب .( الزمر: 9 ) .