/م36
المفردات:
الأجداث: القبور ،واحدها جدث .
السّراع: واحدهم سريع ،أي مسرعين .
النصب: كل شيء منصوب كالعلم والراية ،وكذا ما ينصب للعبادة ،والأنصاب جمع جمع .
يوفضون: يسرعون .
خاشعة: ذليلة .
ترهقهم: تغشاهم .
التفسير:
43 ،44- يوم يخرجون من الأجداث سراعا كأنهم إلى نصب يوفضون* خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلّة ذلك اليوم الذي كانوا يوعدون .
اذكر يوم يقومون من قبورهم مسرعين لتلبية النداء ،والوقوف في عرصات القيامة لفصل القضاء ،كأنهم في إسراعهم إلى ساحة القيامة ،كما كانوا في الدنيا يهرولون إلى شيء منصوب: علم أو راية أو صنم من الأصنام .
قال المفسرون:
كان الإسراع إلى المعبودات الباطلة وسائر الطواغيت من عادات المشركين ،وكانوا إذا أبصروا أصنامهم أسرعوا إليها ،يحاول كل منهم أن يستلم الصنم أوّلا ،وفي هذا التشبيه تذكير بسخافة عقولهم ،وتهكّم بإسراعهم إلى الباطل ،وفرارهم من الحق .
خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلّة ذلك اليوم الذي كانوا يوعدون .
إنهم يحشرون يوم القيامة أذلاء ،منكسرة عيونهم ،تغشاهم المذلة والمهانة والعذاب والهوان في ذلك اليوم ،يوم القيامة ،الذي توعّدهم القرآن به وحذّرهم من عذابه ،لقد كانوا في أعيادهم يسرعون إلى أصنامهم ،فرحين لاهين عابثين في باطلهم ،لكن الصورة اختلفت عند قيامهم من قبورهم ،فإنهم يحشرون أذلاء مرهقين ،قد بدا الانكسار في عيونهم ،وإرهاق المذلة على أبدانهم ،بسبب استهتارهم بذلك اليوم ،واستبعادهم لوقوعه .
وبذلك تتوافق بداية السورة ونهايتها ،فقد كانت البداية سؤال من الكافرين عن يوم القيامة ،سؤال استبعاد واستنكار ،وكانت نهاية السورة رؤية اليوم عيانا ،والإسراع لتلبية الداعي إلى المحشر في حالة من العذاب والهوان والانكسار ،وقد شاهدوا القيامة مشاهدة فعلية واقعية .
قال تعالى: يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء تودّ لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا ويحذّركم الله نفسه والله رؤوف بالعباد .( آل عمران: 30 ) .