المفردات:
لا تخونوا الله والرسول: لا تخونهما بتعطيل الفرائض والسنن ،أو بأن تظهروا غير ما تخفون .
وتخونوا أماناتكم: وتخونوا ما اؤتمنتم عليه من مال أو عرض أو سر ،أو عهد أو نصيحة .
وأنتم تعلمون: وأنتم تصدقون وتعلمون أنكم تخونون .
27 –{يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول ...} الآية .
والله ينهاكم أيها المؤمنون عن أن تخونوا الله ورسوله فتعطلوا أحكام دينه أو تقولوا بألسنتكم ما ليس في قلوبكم ،أو تظهروا غير ما تخفون ،وينهاكم عن أن تنقضوا العهود ،وتخونوا الأمانات التي اؤتمنتم عليها من أموال الناس وأعراضهم وأسرارهم ،وأنتم تعلمون أنكم مؤتمنون عليها ،فتعمدون إلى جحود الودائع أو انتهاك الأعراض أو إفشاء الأسرار ،وإخفاء المستندات ؛إن ذلك إثم كبير ،ولقد كان أول هم للنبي صلى الله عليه وسلم ليلة أن هاجر أن يترك عليا وراءه ليرد الأمانات ويعيد الودائع ،وكانت عنده لأعدائه من المشركين ،وأبى أن يهاجر من مكة ،وفي ذمته لأحد من أعدائه وديعة .
أبو لبابة يصلب نفسه على سارية ؛ليكفر عن خيانته:
حاصر النبي صلى الله عليه وسلم بني قريظة ،إحدى وعشرين ليلة ،فسألوه صلحا كصلح بني النضير ،وهو أن يتركهم يسيرون إلى إخوانهم بأذرعات وأريحاء من الشام ،فأبى إلا أن ينزلوا على حكم سعد بن معاذ الأنصاري سيد الأوس ،وكان حليفهم ،وكان حكمه: أن تقتل المقاتلة وتقسم الأموال وتسبى الذرية والنساء ،فأبوا ذلك ،ثم طلبوا أن يرسل إليهم: أبا لبابة ،وكان مناصحا لهم ؛لأن ماله وعياله كانا في أيديهم ،فبعثه إليهم ،فقالوا:
ما ترى ؟هل تنزل على حكم سعد ؟فقال: لا تفعلوا فإنه الذبح ،وأشار إلى حلقة فنزلت:{يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول} .قال أبو لبابة: فما زالت قدماي حتى علمت أني خنت الله ورسولهxxiv .
حزن أبو لبابة ،وقام فشد نفسه على سارية المسجد ،وقال: والله لا أذوق طعاما ولا شرابا حتى أموت ،أو يتوب الله عليّ ،فمكث سبعة أيام حتى خر مغشيا عليه ،ثم تاب الله عليه ،فقيل له: قد تيب عليكم فحل نفسك ،فقال: لا والله لا أحلها حتى يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذي يحلني فجاءة فحله بيده ،فقال: إن من تمام توبتي أن أهجر دار قومي التي أصبت فيها الذنب ،وأن أنخلع من مالي ،فقال عليه السلام: يجزئك الثلث أن تتصدق به .