{ألم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة عن عباده ويأخذ الصدقات وأن الله هو التواب الرحيم ( 104 ) و قل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون ( 105 )}
المفردات:
ألم يعلموا: استفهام يراد به التقرير .أي: قد علموا .
يأخذ الصدقات: يقبلها ويثيب عليها .
التفسير:
104{ألم يعلموا أن الله يقبل التوبة عن عباده ويأخذ الصدقات وأن الله هو التواب الرحيم ...} الآية .
ألم يعلم هؤلاء التائبون ،وجميع المؤمنين ،أن الله هو الذي يقبل توبة عباده ،ويتجاوز عن سيئاتهم ،ويأخذ الصدقات .أي: يقبلها ويثيب عليها ويضاعف أجرها ،كما قال تعالى:{من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة والله يقبض ويبصط وإليه ترجعون} .( البقرة: 245 ) .
قال ابن كثير: هذا تهييج إلى التوبة والصدقة ،اللتين كل منهما يحط الذنوب ويمحقها ،وأخبر سبحانه وتعالى ،أن كل من تاب إليه تاب عليه ،ومن تصدق بصدقة من كسب حلال ؛فإن الله يتقبلها بيمينه فيربيها لصاحبها حتى تصير التمرة مثل جبل أحد كما جاء بذلك الحديث .فعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إن الله يقبل الصدقة ،ويأخذها بيمينه ،فيربيها لأحدكم ،كما يربي أحدكم مهره ،حتى إن اللقمة لتصير مثل أحد )140 ،وتصديق ذلك في كتاب الله:{هو يقبل التوبة عن عباده ويأخذ الصدقات} ،وقوله:{يمحق الله الربا ويربي الصدقات} ( البقرة:276 ) .
{وأن الله هو التواب الرحيم} .
من شأنه سبحانه أنه تعالى عظيم التوبة على عباده ،كثير الرحمة بهم ؛فذلك شأنه الدائم وسنته المستمرة ،وقد أفادت آيات القرآن أنه سبحانه غافر الذنب وقابل التوب ،وحثت آيات القرآن على التوبة النصوح ونهت عن اليأس من رحمة الله ؛قال تعالى:{قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم} .( الزمر:53 ) .
قيل في سبب نزول هذه الآية ما يأتي:
قال الذين لم يتوبوا من المتخلفين: هؤلاء كانوا معنا بالأمس ،لا يكلمون ولا يجالسون ،فمالهم الآن ؟وما هذه الخاصة التي خصوا بها فنزلت:{ألم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة عن عباده ...} .الآية .
فالضمير في يعلموا عائد إلى الذين لم يتوبوا من المتخلفين .