32 –{يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم} .
هذا نوع آخر من ضلالهم ،وهو ما راموه من إبطال الحق ،بأقاويلهم الباطلة ،والمجادلات الزائفة .
ونور الله يطلق على الإسلام ،الذي بعث به الرسول محمد عليه الصلاة والسلام ،كما يطلق على القرآن الذي أوضح الله به وجه الحق ،وكذبهم في دعاوى بنوة عزير وعيسى لله ،وربوبية الأحبار والرهبان والمسيح ابن مريم ،وبين شرائع الله على وجهها الحق .
{ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون} .
أي: ولا يريد الله إلا أن يتم نوره بإعلاء كلمة الإسلام ،وإتمام مجده ولو كره الكافرون ذلك .
فسواء رضي أهل الكتاب أم كرهوا ،فنور الإسلام سيتم ويعم المشارق والمغارب .
وكلمة يأبى الله معناها: لا يريد أو لا يرضى .
أي: أن الله تعالى يبشر المؤمنين بإتمام الدين ،ويقرر سنته لا تتغير ولا تتبدل في جعل العاقبة للحق وأهله ،فهذا ما يريده ويأبى نقيضه .
قال الزمخشري: أي: لا يريد الله إلا أن يتم نوره .
وقال الآلوسي:
في الكلام استعارة تمثيلية ؛حيث شبه سبحانه حال أهل الكتاب في محاولة إبطال نبوة النبي عن طريق تكذيبهم له ،بحال من يريد أن ينفخ في نور عظيم مثبت في الآفاق ؛ليطفئه بنفخة .
وروعى في كل من المشبه ،والمشبه به معنى الإفراط والتفريط حيث شبه الإبطال والتكذيب بالإطفاء بالفم ،ونسب النور إلى الله تعالى العظيم الشأن .
وفي شأن النور المضاف إليه سبحانه أن يكون عظيما فكيف يطفأ بنفخ الفم59 .
والآية وعد من الله تعالى للمؤمنين بإظهار دينهم وإعلاء كلمتهم ؛لكي يمضوا قدما إلى تنفيذ ما كلفهم الله به ،بدون إبطاء أو تثاقل ،وهي في الوقت نفسه تتضمن في ثناياها الوعيد لهؤلاء الضالين وأمثالهم .