أتيناهم بذكرهم: بالقرآن الذين هو فخرهم .
فهم عن ذكرهم معرضون: فهم معرضون عن فخرجهم .
ثم بين الله أن اتّباع الهوى يؤدي الى الفساد الكبير فقال:
{وَلَوِ اتبع الحق أَهْوَآءَهُمْ لَفَسَدَتِ السماوات والأرض وَمَن فِيهِنَّ}
ولو أن الله تعالى سايَرَ هؤلاءِ فيما يشتهونه ويقترحونه ،لفسَدَ هذا النظامُ العظيم الذي نراه في السموات والأرض ،واختلّ نظام الكون ،وساد الظلمُ والفساد في الخلائق ،ولكنّ الله ذو حكمةٍ عالية ،وقدرة نافذة .
وبعد أن أنْبهم على كراهتهم للحق ،ذكر أنهم أعرضوا عن أعظم خيرٍ جاءهم فقال:
{بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَن ذِكْرِهِمْ مُّعْرِضُونَ} .
بل جئناهم بالقرآن الذي فيه فخرُهم وشرفُهم ،وهم مع ذلك معرِضون عن هذا الخيرِ العميم ،والشرف العظيم ،وكان قال تعالى:{وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ} [ الزخرف: 44] .
وهذا هو القول الحقّ ،فإن العربَ قبل الإسلام لم تكن أمة متحدة ،ولم يكن لها ذكر في التاريخ حتى جاءها الاسلام ،فأصبحتْ بفضله تُذكر في الشرق والغرب ،وظل ذِكرُها يدوّي في العالم قرونا طويلة .ولما تركت وحدتها ودينها وأعرضت عنه تضاءل ذِكرها وخبا نورها ،ولن يقوم لها ذكر إلا برجوعها الى الاسلام ،والأخذ بالعلم ،ووحدة الصف .