قوله تعالى:{أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ ءَامَنْتُمْ بِهِ الآن وَقَدْ كُنتُم بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ} .
بين تعالى في هذه الآية الكريمة ،أن الكفار يطلبون في الدنيا تعجيل العذاب كفراً وعناداً ،فإذا عاينوا العذاب آمنوا ،وذلك الإيمان عند معاينة العذاب وحضوره لا يقبل منهم ،وقد أنكر ذلك تعالى عليهم هنا بقوله:{أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ ءَامَنْتُمْ بِهِ} ونفى أيضاً قبول إيمانهم في ذلك الحين بقوله:{الآنَ وَقَدْ كُنتُم بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ} .
وأوضح هذا المعنى في آيات أخر ،كقوله:{فَلَمَّا رَأَوْاْ بَأْسَنَا قَالُواْ ءَامَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ فَلَمْ يَكُ يَنفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْاْ بَأْسَنَا سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ} [ الكافرون: 84 -85] وقوله:{حَتَّى إِذَآ أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ ءَامَنتُ أَنَّهُ لا إِلِهَ إِلاَّ الَّذِي ءَامَنَتْ بِهِ بَنواْ إِسْرَاءِيلَ وَأَنَاْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ الآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ} [ يونس: 90 -91] وقوله:{وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآن} ،إلى غير ذلك من الآيات ،واستثنى الله تعالى قوم يونس دون غيرهم بقوله:{فَلَوْلاَ كَانَتْ قَرْيَةٌ ءَامَنَتْ فَنَفَعَهَآ إِيمَانُهَا إِلاَّ قَوْمَ يُونُسَ لَمَّآ ءَامَنُواْ كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الخِزْي فِي الحياة الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ} [ يونس: 98] .