/م46
{ أَثُمَّ إِذَا مَا وقَعَ آمَنْتُم بِهِ} قرأ الجمهور ( ثم ) بالضم ، وهو حرف عطف يدل على الترتيب والتأخر والتراخي ، وقرئ بالفتح ، وهو اسم إشارة بمعنى هنالك .قال ابن جرير الطبري:ومعنى قوله ( أثم ) في هذا الموضع أهنالك ؟ وليس"ثم "ههنا التي تأتي بمعنى العطف اه .ولم يضبطها بفتح الثاء ، فظاهر قوله أن المضمومة تأتي ظرفا أيضا ، وهذا لم يرو عن أحد من العرب ، بل قال ابن هشام في المغني وقد نقله عنه:وهذا وهم اشتبه عليه ، ثم المضمومة الثاء بالمفتوحتها اه .
وأما على قراءة الجمهور فهذا استفهام آخر معطوف على فعل مقدر بعد الهمزة علم مما قبله من إنكار استعجال مجرميهم بالعذاب ، كما يقدر مثله بعد حرف الاستفهام الداخل في مثل قوله:{ أوعجبتم أن جاءكم ذكر من ربكم} [ الأعراف:63] ؟ وقوله:{ أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا} [ المؤمنون:115] ؟ وتقدير الكلام:أيستعجل بالعذاب مجرموكم الذين هم أحق بالخوف منه بدلا من الإيمان الذي يدفعه عنهم وعنكم ، ثم إذا وقع بالفعل آمنتم به إذ لا ينفع الإيمان ، لأنه صار ضروريا بالمشاهدة والعيان لا تصديقا للرسول عليه السلام ، وقيل لكم حينئذ من قبل الله تعالى تقريعا وتوبيخا{ ءآلآنَ} آمنتم به اضطرارا{ وقَدْ كُنتُم بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ} تكذيبا به واستكبارا ؟ وقرأ نافع ( آلان ) بحذف الهمزة وإلقاء حركتها على اللام ، والجملة حالية .والاستعجال يتضمن المالغة في التكذيب المقابل للإيمان ، وسيأتي في هذه السورة إيمان فرعون عند إدراك الغرق إياه وأنه يقال له:{ آلآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين} [ يونس:91] .