و( تقسطوا ) تعدلوا ، من الإقساط .يقال أقسط الرجل إذا عدل ويقال قسط إذا جار .قال تعالى:( وأقسطوا إن الله يحب المقسطين ) [ الحجرات:9] وقال:( وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا ) [ الجن:5] وكلاهما من القسط وهو العدل وقال:( قل أمر ربي بالقسط ) [ الأعراف:29] ( يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط ) [ النساء:124] والقسط في الأصل النصيب بالعدل .وقالوا قسط فلان بوزن جلس- إذا أخذ قسط غيره ونصيبه .وقالوا أقسط إذا أعطى غيره قسطه ونصيبه .كذا قال الراغب .والمشهور أن الهمزة في أقسط للسلب ، فقسط بمعنى عدل وأقسط بمعنى أزال القسط فلم يقمه كما يقال في شكا وأشكى فإن أشكاه بمعنى أزال شكواه .وقال في لسان العرب كأن الهمزة للسلب .
( فانكحوا ) معناه فتزوجوا وتقدم في سورة البقرة الخلاف في إطلاقه على العقد وعلى ما يقصد من العقد ولو بدونه .وقوله:( مثنى وثلاث ورباع ) معنى اثنتين اثنتين وثلاثا وثلاثا وأرباعا أربعا .فتلك الألفاظ المفردة معدولة عن هذه الأعداد المكررة .ولما كان الخطاب للجمع حسن اختيار الألفاظ المعدولة الدالة على العدد المكرر وكانت من الإيجاز ليصيب كل من يريد الجمع من أفراد المخاطبين اثنين فقط أو ثلاثا أو أربعا فقط ، وليس بعد ذلك غاية في التعدد بشرطه .قال الزمخشري:كما تقول للجماعة اقتسموا هذا المال وهو ألف درهم:درهمين وثلاثة ثلاثة وأربعة أربعة ولو أفردت لم يكن له معنى .أي لو قلت للجمع اقتسموا المال الكثير درهمين لم يصح الكلام فإذا قلت درهمين درهمين كان المعنى أن كل واحد يأخذ درهمين فقط لا أربعة دراهم .
قال:فإن قلت لم جاء العطف بالواو دون"أو ؟ "قلت كما جاء بالواو في المثال الذي حذوته لك ولو هبت تقول اقتسموا هذا المال درهمين درهمين أو ثلاثة ثلاثة أو أربعة أربعة علمت أنه لا يسوغ لهم ان يقتسموه إلا على أحد أنواع هذه القسمة وليس لهم أن يجمعوا بينها فيجعلوا بعض القسم على تثنية وبعضه على تثليث وبعضه على تربيع ، وذهب معنى تجويز الجمع بين أنواع القسمة الذي دلت عليه الواو .وتحريره أن الواو دلت على إطلاق أن يأخذ الناكحون من أرادوا نكاحها من النساء على طريق الجمع إن شاؤوا مختلفين في تلك الأعداد وإن شاؤوا متفقين فيها محظورا عليهم ما وراء ذلك اه كلامه .
وهو ما ينقض ما ذهب إليه بعض الناس من دلالة العبارة على جواز جمع الواحد بين تسع نسوة وهو مجموع 2 و3و 4 وبعض آخر على جواز الجمع بين 18 وهو مجموع اثنتين اثنتين وثلاث ثلاث وأربع أربع ، فإن قولك وزع هذا المال على الفقراء قرشين قرشين وثلاثة ثلاثة وأربعة أربعة ، معناه أعط بعضهم اثنين فقط وبعضهم ثلاثة فقط بعضهم أربعة فقط ، وللموزع الخيار في التخصيص ولا يجيز له هذا النص أن يعطي أحدا منهم 9 قروش ولا 18 قرشا .واستدلال بعضهم على صحة ما قيل بموت النبي صلى الله عليه وآله وسلم من تسع نسوة وعقده على أكثر من ذلك لا يصح ، للإجماع على أن ذلك خصوصية له ( صلى الله عليه وسلم ) .
و( تعولوا ) تجوروا ، وأصل العول الميل يقولون عال الميزان إذا مال وميزان عائل .وجعله بعضهم بمعنى كثرة العيال ويروى عن الشافعي رضي الله عنه ويقال عال الرجل عياله إذا مالهم وأنفق عليهم ، كأنه أراد لئلا يكثر من تعولون والأول أظهر في الآية .
/خ4