{ ثم لم تكن فتنتهم إلا أن قالوا والله ربنا ما كنا مشركين ( 23 )} قرأ ابن كثير وابن عامر وحفص « لم تكن فتنتهم » بالتاء والرفع ، ونافع وأبو عمرو وأبو بكر عنه بالتاء والنصب ، والباقون « لم يكن فتنتهم » بالياء والنصب .ولا فرق بين هذه القراءات في المعنى فإن بعضها يقدم اسم تكن عليها وبعضها يؤخره .وبعضهم يذكر الفعل وبعضهم يؤنثه ، وكل ذلك جائز في العربية .وقرأ حمزة والكسائي « ربنا » بالفتح على النداء أي يا ربنا .والباقون بالجر على الصفة .والفتنة الاختبار وفسرت هنا بالقولة والكلام والجواب وبالشرك ، وقدر بعضهم مضافا محذوفا فقال:إن المعنى ثم لم تكن عاقبة هذا الاختبار أو الشرك إلا إقسامهم بالله يوم القيامة إنهم ما كانوا مشركين .
ظاهر الآية أنهم ينكرون في بعض مواقف الحشر شركهم بالله توهما منهم أن ذلك ينفعهم أي ويعترفون به في بعضها كما يعلم من آيات أخرى ، واستشكل بعض المفسرين هذا المعنى ، واحتجوا بأن الإنكار في القيامة متعذر وبأن اعترافهم بالشرك ثابت في بعض الآيات كقوله تعالى حكاية عنهم:{ هؤلاء شركاؤنا الذين كنا ندعو من دونك} بالنحل:86] ، وقوله:{ ولا يكتمون الله حديثا} [ النساء:42] وروي أن ابن عباس سئل عن الآية وعن قوله تعالى:{ ولا يكتمون الله حديثا} فقال:أما قوله:{ والله ربنا ما كنا مشركين} فإنهم لما رأوا أنه لا يدخل الجنة إلا أهل الإسلام فقالوا تعالوا لنجحد{ قالوا والله ربنا ما كنا مشركين} فختم الله على أفواههم وتكلمت أيديهم وأرجلهم{ ولا يكتمون الله حديثا} وذهب بعضهم إلى أن المعنى ما كنا مشركين في اعتقادنا لأننا ما كنا ندعو غيرك استقلالا بل توسلا إليك ليكون من ندعوهم شفعاء لنا عندك يقربوننا إليك زلفى ، لأننا كنا نستصغر أنفسنا أن تتسامى إلى دعائك كفاحا بلا واسطة وما هذا إلا تعظيم لك .وقد أورد على هذا التفسير أنه لا يلتئم مع قوله بعد هذه الحكاية عنهم .