قوله تعالى:{الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا ...} [ البقرة: 275] .
خصّ الأكل بالذّكر مع أنّ غيره كاللّبس ،والادّخار ،والهبة كذلك ،لأنه أكثر وأهمّ انتفاعا بالمال ،إذ لا بد منه .
أو أريد بالأكل الانتفاع ،كما يقال: فلان أكل ماله ،إذا انتفع به في الأكل وغيره .
قوله تعالى:{ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا ...} [ البقرة: 275] .
فإن قلتَ: كيف قالوا ذلك ،مع أن مقصودهم تشبيه الربا بالبيع المتفق على حِلِّه ؟
قلتُ: جاء ذلك على طريق المبالغة ،لأنه أبلغ من اعتقادهم أن الربا حلال كالبيع ،كالتشبيه في قولهم: القمر وجه زيد({[83]} ) ،والبحر ككفّه ،إذا أرادوا المبالغة .
أو أنّ مقصودهم أنّ البيع والربا يتماثلان من جميع الوجوه ،فساغ قياس البيع على الربا كعكسه .
قوله تعالى:{وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [ البقرة: 275] .
إن قلتَ: كيف قال ذلك ،مع أن مرتكب الكبيرة كآكل الربا لا يخلّد في النار ؟
قلتُ: الخلود يقال لطول البقاء ،وإن لم يكن بصيغة التأبيد ،كما يقال: خلّد الأمير فلانا في الحبس إذا أطال حبسه .
أو المراد بقوله:{وَمَنْ عَادَ} العائد إلى استحلال أكل الربا ،وهو بذلك كافر ،والكافر مخلّد في النار على التأبيد .