قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ ...} [ البقرة: 282] .
فإن قلتَ: ما فائدة قوله:{بِدَيْنٍ} مع أنه معلوم من{تَدَايَنْتُم} ؟
قلتُ: فائدته الاحتزاز عن"الدّين "بمعنى المجازاة ،يقال: داينت فلانا بالمودّة ،أي جازيته بها ،وهو بهذا المعنى لا كتابة فيه ولا إشهاد .
وقيل: فائدته رجوع الضمير إليه في قوله:{فَاكْتُبُوهُ} [ البقرة: 282] إذ لو لم يذكره لقال: فاكتبوا الدّين ،والأول أحسن نظما .
قوله تعالى:{أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى ...} [ البقرة: 282] .
قرئ"تَذْكُرُ "بالتخفيف والتشديد .
فإن قلتَ: كيف جعل"أن تضِلّ "علة لاستشهاد المرأتين بدل رجل ،مع أن علّته إنما هو التذكير .
قلتُ: بل علّته"أن تضل "لأن الضلال من إحداهما يكثر وقوعه ،فصَلُح أن يكون علّة لاستشهادهما ،وبتقدير عدم صلوحه فالتعليل"بأن تضِلّ "في الحقيقة إنما هو للتذكير ،ومن شأن العرب إذا كانت للعلّة علّة ،قدّموا ذكر علّة العِلّة ،وجعلوا العِلّة معطوفة عليها بالفاء ،لتحصل الدلالتان معا بعبارة واحدة ،كقولك: أعددت الخشبة أن يميل الجدار ،فأدعمته بها ،فالإدعام علّة في إعداد الخشبة ،والميل علّة الإدعام .