قوله تعالى:{قل أئنّكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين وتجعلون له أندادا} ..إلى:{فقضاهن سبع سموات في يومين} [ فصلت: 9-12] .
إن قلتَ: هذا يدلّ على أن السموات والأرض وما بينهما خُلقت في ثمانية أيام ،وهو مناف لما ذكره في الفرقان وغيرها أنها خُلقت في ستة أيام ؟ !
قلتُ: ( يوما ) خلق الأرض من جملة الأربعة بعدها ،والمعنى في تتمة أربعة أيام ،وهي مع يومي خلق السموات ستة أيام ..يوم الأحد والاثنين لخلق الأرض ،ويوم الثلاثاء والأربعاء للجعل({[560]} ) المذكور في الآية وما بعده ،ويوم الخميس والجمعة لخلق السموات .
فإن قلتَ: السموات وما فيها أعظم من الأرض ،وما فيها بأضعاف ،فما الحكمة في أنه تعالى خلق الأرض ،وما فيها في أربعة أيام ،والسموات وما فيها في يومين ؟
قلتُ: لأن السموات وما فيها من عالم الغيب ،والملكوت ،والأمر ،والأرض وما فيها من عالم الشّهادة ،والملك ،والخلق ،والأول أسرع من الثاني .
أو أنه تعالى فعل ذلك في الثاني ،مع قدرته على فعله ذلك دفعة واحدة ،ليعرّفنا أن الخلق على سبيل التدريج ،لنتأنّى في أفعالنا ،فخلق ذلك في أربعة أيام لمصالح وحكم اقتضت ذلك ،ولهذه الحكمة خلق العالم الأكبر في ستة أيام ،والعالم الأصغر وهو الإنسان في ستة أشهر({[561]} ) .