باب حدّ الزانيين
قال الله تعالى : { واللاَّتي يَأْتِينَ الفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ } الآية . قال أبو بكر : لم يختلف السلف في أن ذلك كان حَدَّ الزانية في بَدْءِ الإسلام وأنه منسوخ غير ثابت الحكم ؛ حدثنا جعفر بن محمد الواسطي قال : حدثنا جعفر بن محمد بن اليمان قال : حدثنا أبو عبيد قال : حدثنا حجاج عن ابن جريج وعثمان بن عطاء الخراساني عن ابن عباس في قوله تعالى : { واللاَّتِي يَأْتِينَ الفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ } إلى قوله : { سَبِيلاً } ، قال : وقال في المطلقات : { لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة } [ الطلاق :1 ] قال : هذه الآيات قبل أن تنزل سورة النور في الجَلْدِ نسختها هذه الآية : { الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة } [ النور : 2 ] قال : والسبيل الذي جعله لهنّ الجلد والرجم ، قال : فإذا جاءت اليوم بفاحشة مُبَيِّنَةٍ فإنها تُخرج وتُرجم بالحجارة ؛ قال : وحدثنا أبو عبيد قال : حدثنا عبدالله بن صالح عن معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في هذه الآية وفي قوله تعالى : { واللَّذَانِ يَأتِيَانِهَا مِنْكُمْ فآذُوهُمَا } قال : كانت المرأة إذا زنت حُبِسَتْ في البيت حتى تموت ، وكان الرجل إذا زنى أوذِيَ بالتعبير وبالضرب بالنعال ، قال : فنزلت : { الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة } [ النور :2 ] .
قال : وإن كانا مُحْصَنَيْنِ رُجما بسنَّة النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : فهو سبيلها الذي جعله الله لها ؛ يعني قوله تعالى : { حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ المَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلاً } . قال أبو بكر : فكان حكم الزانية في بَدْءِ الإسلام ما أوجب من حدّها بالحبس إلى أن يتوفاهنّ الموت أو يجعل الله لهن سبيلاً ، ولم يكن عليها في ذلك الوقت شيء غير هذا ، وليس في الآية فَرْقٌ بين البكر والثَّيِّبِ ؛ فهذا يدل على أنه كان حُكْماً عامّاً في البكر والثيب .
وقد اختلف السلف في معنى السبيل المذكور في هذه الآية ، فرُوي عن ابن عباس : " أن السبيل الذي جعله لهنّ الجلد لغير المحصن والرجم للمحصن " ، وعن قتادة مثل ذلك . ورُوي عن مجاهد في بعض الروايات : { أوْ يَجْعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلاً } : " أو يضعن ما في بطونهن " ؛ وهذا لا معنى له لأن الحكم كان عامّاً في الحامل والحائل ، فالواجب أن يكون السبيل مذكوراً لهن جميعاً .