قوله تعالى : { قَالَ رَبِّ إِنِّي لاَ أَمْلِكُ إِلاَّ نَفْسِي وَأَخِي } هذا مجازٌ ، لأن الإنسان لا يملك نفسه ولا أخاه الحرّ على الحقيقة ؛ وذلك لأن أصل الملك القدرة ومحالٌ أن يقدر الإنسان على نفسه أو على أخيه ، ثم أُطلق اسم الملك على التصرّف فجُعِلَ المملوك في حكم المقدور عليه ، إذ كان له أن يُصَرِّفه تصرّف المقدور عليه ؛ وإنما معناه ههنا أنه يملك تصريف نفسه في طاعة الله ، وأطلقه على أخيه أيضاً إذا كان يتصرف بأمره وينتهي إلى قوله ؛ وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " ما أحَدٌ أَمَنَّ عليَّ بنَفْسِهِ وذَاتِ يَدِهِ مِنْ أَبِي بَكْرٍ " فبكى أبو بكر وقال : هل أنا ومالي إلا لك يا رسول الله ! يعني أني متصرف حيث صرفتني وأمْرُك جائز في مالي . وقال النبي صلى الله عليه وسلم لرجل : " أَنْتَ وَمَالُكَ لأبِيكَ " ولم يُرِدْ به حقيقة الملك .