قوله تعالى : { فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي } . قيل فيه : خيَّبْتَنِي ، كقول الشاعر :
* ومَنْ يَغْوَ لا يَعْدَمْ على الغَيِّ لائِماً *
يعني : من يَخبْ . وحكى لنا أبو عمر غلام ثعلب عن ثعلب عن ابن الأعرابي قال : يقال غَوَى الرجل يَغْوي غَيّاً إذا فسد عليه أمره أو فسد هو في نفسه ، ومنه قوله تعالى : { وعصى آدم ربه فغَوَى } [ طه : 121 ] أي فسد عليه عيشه في الجنة ؛ قال : ويقال غَوَى الفصيل إذا لم يَرْوَ من لبن أمه . وقيل في { أَغْوَيْتَني } : أي حكمت بغوايتي ، كقولك أضللتني أي حكمت بضلالتي . وقيل : { أَغْوَيْتَني } أي أهلكتني . فهذه الوجوه الثلاثة محتملة في إبليس . وقوله تعالى : { وعصى آدم ربه فغوى } يحتمل فساد أمره في الجنة ، وهو يرجع إلى معنى الخيبة ، ولا يحتمل الهلاك ولا الحكم بالغواية التي هي ضلال ؛ لأن أنبياء الله لا يجوز ذلك عليهم .