قوله تعالى : { وأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ } . رُوي عن مجاهد والسدي : " توجَّهُوا إلى قِبْلة كل مسجد في الصلاة على استقامة " . وقال الربيع بن أنس : " توجهوا بالإخلاص لله تعالى لا لوثن ولا غيره " .
مطلب : في وجوب فعل المكتوبات في جماعة
قال أبو بكر : قد حوى ذلك معنيين ، أحدهما : التوجه إلى القبلة المأمور بها على استقامة غير عادل عنها ، والثاني : فعل الصلاة في المسجد ، وذلك يدل على وجوب فعل المكتوبات في جماعة لأن المساجد مبنية للجماعات . وقد رُوي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبار في وعيد تارك الصلاة في جماعة وأخبار أُخَرُ في الترغيب فيها ، فمما رُوي ما يقتضي النهي عن تركها قوله صلى الله عليه وسلم : " مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ فَلَمْ يُجِبْ فلا صَلاةَ لَهُ " ، وقوله لابن أم مكتوم حين قال له إن منزلي شاسع فقال : " هَلْ تَسْمَعُ النِّدَاءَ ؟ " فقال : نعم ، فقال : " لا أَجِدُ لَكَ عُذْراً " . وقوله : " لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ رَجُلاً يُصَلِّي بالنَّاسِ ثمَّ آمُرَ بِحَطَبٍ فيُحْرَقَ على المُتَخَلِّفِينَ عَن الجَمَاعَةِ بُيُوتُهُمْ " في أخبار نحوها . ومما رُوي من الترغيب أن صلاة الجماعة تفضل على صلاة الفذ بخمس وعشرين درجة ، وأن الملائكة ليصلّون على الذين يصلّون في الصف المقدم ، وقوله : " بَشِّرِ المَشَّائِينَ في ظَلامِ اللَّيْلِ إلى المَسَاجِدِ بالنُّورِ التَّامِّ يَوْمَ القِيَامَةِ " . وكان شيخنا أبو الحسن الكرخيّ يقول : هو عندي فرض على الكفاية كغسل الموتى ودفنهم والصلاة عليهم ، متى قام بها بعضهم سقط عن الباقين .