قوله تعالى : { يَا أَيُّهَا النّبِي قُل لأزْوَاجِكَ إنْ كُنتُنَّ تُرِدْنَ الحَيَاةَ الدُّنْيَا وزِينَتَهَا } ، الآية :[ 28 ] :
ظاهر الآية التخيير بين الدنيا والآخرة والله ورسوله ، وليس فيه ذكر الطلاق . وقد قال قوم : إنه كناية عن التخيير للطلاق على شرائطه ، ولذلك قالت عائشة لما سئلت عن الرجل يخير امرأته قالت : خيرنا رسول الله وكان طلاقاً . وفي بعض الأخبار : ما خيرناه فلم يعد طلاقاً .
ولم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا التخيير المأمور به ، وقد قال صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها : أنا ذاكر لك أمراً فلا عليك أن تعجلي فيه حتى تستأمري أبويك ، فقالت : إني أريد الله ورسوله والدار الآخرة .
ومعلوم أنه لم يرد الاستئمار في اختيار الدنيا على الآخرة ، فثبت أن الاستئمار إنما وقع في الفرقة وفي النكاح .
واعلم أن اختيارهن الدنيا وزينتها وإرادتهن الطلاق ، لا يجوز أن يكون صريحاً في الطلاق ، ولا كناية ، وإنما ذلك إرادة المفارقة ، فكان القياس أن الزوج يطلقها إن شاء ، غير أن الطلاق لا بد أن يكون مستحقاً واجباً ، إذ لو لم يكن مستحقاً واجباً ما كان للتخير معنى ، فإذا تبين أن ذلك طريق خلاصهن ، فوجوب الفراق لا محالة يقتضي بتخييره ، فإن النكاح صار مستحق الرفع وهذا بين{[1606]} .