الْآيَةُ الثَّامِنَةُ : قَوْله تَعَالَى : { الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ } .
الْعَهْدُ عَلَى قِسْمَيْنِ : أَحَدِهِمَا : فِيهِ الْكَفَّارَةُ ، وَالْآخَرُ لَا كَفَّارَةَ فِيهِ ، فَأَمَّا الَّذِي فِيهِ الْكَفَّارَةُ فَهُوَ الَّذِي يُقْصَدُ بِهِ الْيَمِينُ عَلَى الِامْتِنَاعِ عَنْ الشَّيْءِ أَوْ الْإِقْدَامِ عَلَيْهِ .
وَأَمَّا الْعَهْدُ الثَّانِي : فَهُوَ الْعَقْدُ الَّذِي يَرْتَبِطُ بِهِ الْمُتَعَاقِدَانِ عَلَى وَجْهٍ يَجُوزُ فِي الشَّرِيعَةِ وَيَلْزَمُ فِي الْحُكْمِ ، إمَّا عَلَى الْخُصُوصِ بَيْنَهُمَا ، وَإِمَّا عَلَى الْعُمُومِ عَلَى الْخَلْقِ ، فَهَذَا لَا يَجُوزُ حَلُّهُ ، وَلَا يَحِلُّ نَقْضُهُ ، وَلَا تَدْخُلُهُ كَفَّارَةٌ ، وَهُوَ الَّذِي يُحْشَرُ نَاكِثُهُ غَادِرًا ، يُنْصَبُ لَهُ لِوَاءٌ بِقَدْرِ غَدْرَتِهِ ، يُقَالُ : هَذِهِ غَدْرَةُ فُلَانٍ .
وَأَمَّا مَالِكٌ فَيَقُولُ : الْعَهْدُ بِالْيَمِينِ ، لَمْ يَجُزْ حَلُّهُ لِأَجْلِ الْعَقْدِ ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى : { وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمْ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا } وَهَذَا مَا لَا اخْتِلَافَ فِيهِ .