قوله تعالى : { ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شيء } :
ذكر إسماعيل بن إسحاق {[9547]} أن المراد به عبد بعينه ، ويجوز أن يكون عبد الله . والظاهر أنه أي عبد كان {[9548]} . وذكر إسماعيل ، أنه روي عن ابن عباس ، أن الآية واردة في رجل من قريش وعبده أسلما ، وأن سيده كان ينفق عليه من ماله {[9549]} . والأبكم أيضا الذي {[9550]} ضرب الله به المثل بعينه ، لم يكن له مال وكان كلا على مولاه . والمولى في هذا الموضع : المولى {[9551]} من أخ أو ابن عم . وقال بعضهم : الأبكم : صنم {[9552]} . وقد اختلف في العبد هل يملك شيئا أم لا على قولين في المذهب . واستدل بعضهم على أنه لا يملك شيئا بهذه الآية لقوله تعالى : { لا يقدر على شيء } ، وهو قول الشافعي وأبي حنيفة {[9553]} ، واستدل آخرون على أنه يملك بقوله عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح : " من باع عبدا وله مال ، فماله للبائع إلا أن يشترطه المبتاع " {[9554]} ، قالوا فقوله : وله مال ، لام تمليك . وأول الأولون هذا ، وقالوا إنما أضافه إليه لما كان هو المتصرف فيه {[9555]} ، لأنه متملك له . وهذا كما تقول : فرس السائس ، وباب الدار ونحو ذلك . وضعف أهل القول الثاني الاستدلال بالآية على أن العبد لا يملك ، وقالوا : إنما ضرب الله تعالى بذلك مثلا ، فلا يلزم أن يكون كل العبيد كذلك ، وإنما فرض عبدا تكون حاله تلك وضرب به المثل . وأيضا فلو كان كذلك للزم أن يكون البكم لا يملكون شيئا ؛ لأن المعنى في المسألتين واحد . وقالوا إن ظاهر الحديث : أن العبد يملك وما ذكرتموه من الاحتمال فيها غير منكر ، إلا أنه غير ظاهر . فيحمل على الظاهر حتى يقوم دليل على غيره . وعلى هذا يترتب الخلاف في طلاق العبد هل هو بيده أو بيد سيده ؟ وعلى{[9556]} بيع الأمة هل هو طلاق لها {[9557]} أم لا ؟ قد استدل بعضهم بالآية على أن الطلاق بيد السيد ، وأن البيع طلاق ، وأنكر آخرون ذلك وضعفوا الاستدلال .