– قوله تعالى : { ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه وما جعل أزواجكم اللائي تظاهرون منهن . . . . أمهاتكم } إلى قوله تعالى : { والله يقول الحق } :
اختلف في سبب الآية ، فقيل إن بعض المنافقين قال : إن محمدا له قلبان لأنه كان في الشيء فنزغ في غيره ثم عاد إلى شأنه الأول . فقالوا ذلك عنه فنهاهم الله تعالى عنه {[10296]} وقيل بل بسبب أنه كان في قريش في بني فهد رجل منهم يدعي أن له قلبين وأنه أذكى من محمد صلى الله عليه وسلم وكان يدعى ذا القلبين . فلما وقعت هزيمة بدر طاف لبه وحدث أبا سفيان كالمختبل ، فنزلت الآية بسببه نفيا لدعواه {[10297]} . واختلف في اسم ذلك الرجل فقيل أبو معمر ، وقيل هو عبد الله بن خطل {[10298]} . وإنما جاء هذا اللفظ في الآية مقدما توطئة لما بعده وذلك أن بعده : إن الأزواج المتظاهر منهن لا يكن أمهات وأن الأدعياء لا يكونون أبناء . فأراد تعالى أنه كما لا يكون لرجل قلبان في جوفه ، كذلك لا يكون الأزواج أمهات ولا الأدعياء أبناء . وذلك أن العرب كانوا إذا حرم أحدهم زوجته جعلها كأمه ويعتقدون في الأدعياء أنهم أبناء ، فأبطل الله تعالى ذلك ، وأنزل أحكام الظهار إذا وقع ، وسيأتي الكلام عليه في سورة المجادلة إن شاء الله تعالى . ونفى أن يكون الأدعياء أبناء ، وذلك بسبب زيد بن حارثة {[10299]} وكان يدعى زيد بن محمد ، وذلك أنه كان عبدا لخديجة فوهبته لرسول الله صلى الله عليه وسلم {[10300]} ، وذلك قبل البعثة ، وأعتقه رسول الله صلى الله عليه وسلم . فاختار البقاء مع النبي صلى الله عليه وسلم على حريته ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " يا معشر قريش اشهدوا أنه ابني يرثني وأرثه " فرضي بذلك أبوه وعمه وانصرفا .
وقوله : { ذلكم قولكم بأفواهكم } تأكيد للقول .