– وقوله تعالى : { حملته أمه كرها ووضعته كرها وحمله وفصاله ثلاثون شهرا } :
احتج بعض الشيوخ بقوله تعالى : { حملته أمه كرها ووضعته كرها } على أن أجرة القابلة على المرأة . وقد مر الكلام على المسألة في البقرة .
وقوله تعالى : { وحمله وفصاله } :
هذه الآية تقتضي أن مدة الحمل والرضاع هي هذه المدة . والتقدير مدة حمله وفصاله ، ثم حذف . وقال تعالى في الآية الأخرى : { والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين } الآية [ البقرة : 233 ] ، وهذا لا يكون إلا بأن يكون أحد الطرفين ناقصا وذلك إما بأن تلده المرأة لستة أشهر وترضع عامين وإما أن تلد لتسعة أشهر على العرف وترضع عامين غير ربع عام ، فإن زادت مدة الحمل نقصت مدة الرضاع وبالعكس . وإنما ذكر الله تعالى في هذه الآية أقل مدتي الحمل والرضاع فيجب من هذا أن أقل مدة الحمل ستة أشهر وأقل ما يرضع الطفل عام وتسعة أشهر ، وإكمال العامين هو لمن أراد أن يتم الرضاعة . وهذا في أمر الحمل وهو مذهب علي بن أبي طالب وجماعة من الصحابة ، وهو مذهب مالك . فالذي تحصل من هذه الآية أن أقل مدة الحمل ستة أشهر إلا أنه نادر في النساء لأن أكثرهن يلدن لتسعة أشهر ومنهن من تلد لسبع فيعيش الولد وكذلك في الست . فأما من يولد لثمان فلا يعيش إلا {[10485]} عيسى ابن مريم عليه السلام ولد لثمانية أشهر فكان ذلك من الآيات فيه كما خلق من غير أب . وأما أكثر الحمل فقد اختلف فيه ، فقيل عن مالك أنه أربع سنين وهو نادر . وروي عن مالك أنه لا يرى الخمس سنين بعدا . وروي عن الليث وابن عجلان {[10486]} سبع سنين ، وروي عن عثمان البتي ثمان سنين . وقال أبو حنيفة سنتان . وقد ذكر أن بعض المتأخرين قال : لا أجاوز بالحمل تسعة أشهر . وهذا قول لا يلتفت إليه . وأما أكثر الرضاع فلا حد له . وقد مر الكلام على معنى الآية بأوعب من هذا {[10487]} .