39 وقوله تعالى : { فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه إن الله غفور رحيم } :
اختلف في توبة السارق وإصلاحه ما هما ؟ فقيل : توبته ندمه على ما مضى ، وإقلاعه في المستقبل{[6564]} وإصلاحه{[6565]} برد السرقة إن أمكنه أو بانفاقها في سبيل الخيرات{[6566]} إن لم يمكنه ، وإصلاحه أيضا في سائر أعماله ، فإن الله يتوب عليه ويذهب عنه حكم السرقة فيما بينه وبينه . قال مجاهد : التوبة والإصلاح أن يقام عليه الحد{[6567]} . وقد اختلف في السارق{[6568]} يتوب قبل أن يصير إلى الحاكم هل يسقط عنه الحد أم لا ؟ فعندنا أنه لا يسقط . وذهب الشافعي إلى أنه يسقط ، وكأنه تأول هذه الآية على ذلك ، وقاس توبة السارق على توبة المحارب ، وليس ذلك عندنا كذلك{[6569]} ؛ لأن ترتيب الكلام في آية السرقة وآية المحاربين يدل على ذلك لأنه تعالى أمر السارق بإقامة الحد عليه ، ثم عقب بذكر التوبة{[6570]} لا تسقط الحد وإن أسقطت عنه{[6571]} الإثم إذا صحت توبته وذكر تعالى إقامة الحد على المحاربين ثم استثنى منهم{[6572]} من{[6573]} تاب{[6574]} ، فمن تاب منهم{[6575]} لا يقام{[6576]} عليه ، فقال :
{ إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم } الآية . وهاتان الآيتان أصل في أن تقبل التوبة من المرتد ، ومن كل معلن{[6577]} بما كان عليه . ولا تقبل توبة الزنديق والساحر والزاني والشارب{[6578]} ومن{[6579]} أشبههم من المستترين{[6580]} بما كانوا عليه إذا كشفتهم البينة لأنهم يتهمون أن يكون ذلك منهم{[6581]} تحيلا لإسقاط الحدود عنهم{[6582]} .