وقوله تعالى بعد هذا : { قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي } :
والفواحش القبائح البينة القبح . لأن العرب تقول قبيح فاحش فهو لفظ عام عطف عليه بعض ما يدخل تحت لفظه . وأيضا فإن الإثم والبغي لفظان عامان قد يقعان على الفواحش فيحتمل أن يقال {[8356]} إنما جيء بذلك على جهة التوكيد وإن كان المعنى واحدا كما قال تعالى : { وغرابيب سود } [ فاطر : 27 ] وقال الشاعر :
من دونها الناي والبعد
ويحتمل أن يقال : الإثم الخمر ، والبغي التطاول على الناس ، وعطف الخاص على العام كما قال تعالى : { فيهما فاكهة ونخل ورمان ( 68 ) } [ الرحمن : 68 ] ويحتمل أن يقال أراد بالفواحش الزنا وبالإثم الخمر وبالبغي التطاول على الناس فتكون هذه الألفاظ كلها علاقة أريد بها شيء خاص . وقد قال ذلك بعض المفسرين {[8357]} وقال بعضهم الفواحش : الكبائر والإثم : الصغائر ثم عطف على الأمرين ما يدخل فيهما وهو البغي بغير الحق . والمراد به أن يتجاوز من طلب الأمر الذي يحسن طلبه فإذا تجاوز فهو مذموم . وقد مر الكلام على قول من زعم أن الإثم الخمر والقول به في هذه الآية ضعيف . فإن هذه السورة مكية ولم يأت التحريم للخمر إلا في المدينة بعد أحد . لأن جماعة من الصحابة اصطحبوها{[8358]} يوم أحد وماتوا شهداء وهي في أجوافهم ، وأيضا إن تسمية الخمر إثما {[8359]} إنما هو ضعيف وبيت الشعر الذي أنشد في ذلك قد قيل إنه مصنوع وإن صح {[8360]} فهو على حذف مضاف{[8361]} .