/م120
1( إِن إِبراهيم كان أُمّة ) .
وقد ذكر المفسّرون أسباباً كثيرة للتعبير عن إِبراهيم( عليه السلام ) بأنّه «أُمّة » وأهمها أربع:
الأوّل: كان لإِبراهيم شخصية متكاملة جعلته أن يكون أُمّة بذاته ،وشعاع شخصية الإِنسان في بعض الأحيان يزداد حتى ليتعدى الفرد والفردين والمجموعة ،فتصبح شخصيته تعادل شخصية أُمّة بكاملها .
الثّاني: كان إِبراهيم( عليه السلام ) قائداً وقدوة حسنة ومعلماً كبيراً للإِنسانية ،ولذلك أطلق عليه ( أُمّة ) ؛لأنّ «أُمّة » اسم مفعول يطلق على الذي تقتدي به الناس وتنصاع له .
وثمّة ارتباط معنوي خاص بين المعنيين الأوّل والثاني ،حيث أنّ الذي يكون بمرتبة إِمام صدق واستقامة لأُمّة ما ،يكون شريكاً لهم في أعمالهم وكأنّه نفس تلك الأُمّة .
الثّالث: كان إِبراهيم( عليه السلام ) موحداً في محيط خال من أيِّ موحد ،فالجميع كانوا يخوضون في وحل الشرك وعبادة الأصنام ،فهو والحال هذه «أُمّة » في قبال أمّة المشركين ( الذين حوله ) .
الرّابع: كان إِبراهيم( عليه السلام ) منبعاً لوجود أُمّة ،ولهذا أطلق القرآن عليه كلمة «أُمّة » .
ولا مانع من أنْ تحمل هذه الكلمة القصيرة الموجزة كل ما ذكر من معان كبيرة ..
نعم فقد كان إِبراهيم أمّة وكان إِماماً عظيماً ،وكان رجلا صانع أُمّة ،وكان منادياً بالتوحيد وسط بيئة اجتماعية خالية من أيّ موحد{[2157]} .
وقال الشاعر:
ليس على اللّه بمستنكر ***أنْ يجمع العالم في واحد
2صفته الثّانية في هذه الآيات: أنّه كان ( قانتاً لله ) .
3وكان دائماً على الصراط المستقيم سائراً على طريق اللّه ،طريق الحق ( حنيفاً ) .
4( ولم يكُ من المشركين ) ،بل كان نور اللّه يملأ كل حياته وفكره ،ويشغل كل زوايا قلبه .