/م28
ولكن اعلموا أنَّ هؤلاء عباد الدنيا الذين يسخرون مِن الألبسة الخشنة التي يرتديها أمثال سلمان وأبي ذر خاصَّة ،والذين يعيشون حياة مُرفهة باذخة ومليئة بالزينة ،ستنتهي عاقبتهم إلى سوء وظلام وعذاب: ( إِنا اعتدنا للظالمين ناراً أحاط بهم سرادقها ) .
نعم ،إِنّهم كانوا اعطشوا في هذه الدّنيا كان الخدم يجلبون لهم أنواع المشروبات ،ولكنَّهم عندما يطلبون الماء في جهنَّم يؤتي إليهم بماء كالمهل: ( وإِن يستغيثوا يُغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه ){[2291]} .
( بئسَ الشراب ) .
ثمّ ( وساءت مُرتفقاً ){[2292]} .
تصوروا هل يمكن شرب الماء الذي إِذا اقترب مِن الوجه فإنَّ حرارته ستشوي الوجه ؟إن ذلك بسبب أنّهم شربوا في الدنيا أنواع المشروبات المُنعشة والباردة ،في حين أنّهم أجّجوا في قلوب المحرومين نيراناً ،إِنَّ هذه النار هي نفسها التي تجسدت في الآخرة بهذا الشكل .
والطريف في أمر هؤلاء أنَّ القرآن ذكر لهم بعض «التشريفات » وهُم في جهنَّم .لقد كان لهؤلاء في حياتهم الدنيا ( سرادق ) عالية وباذخة ليسَ فيها نصيب للفقراء ،وهذه السرادق ستتحوَّل إلى خيام عظيمة مِن لهيب نار جهنَّم !
وفي هذه الدنيا تتوفر لديهم أنواع المشروبات التي تحضر بين أيديهم بمجرّد مُناداة الساقي ،وفي جهنَّم يوجد أيضاً ساق وأشربة ،أمّا ما هو نوع الشراب ؟إِنَّهُ ماء كالمعدن المذاب !حرارته كحرارة دموع اليتامى وآهات المستضعفين والفقراء الذين ظلمهم هؤلاء الأغنياء !نعم ،إِنَّ كل ما هو موجود هُناك ( في الآخرة ) هو تجسيد لما هو موجود هنا ( في الدنيا ) .
/خ31