/م27
المفردات:
اعتدنا: أعددنا وهيأنا .
السرادق: لفظ فارسي معرب يراد به: الفسطاط ( الخيمة ) شبه به ما يحيط بهم من لهب النار ،المنتشر منها في سائر الجهات .
المُهل: دردي الزيت ،أو ما أذيب من المعادن كالرصاص والنحاس .
يشوي الوجوه: ينضجها إذا قدّم ؛ليشرب لشدة حره .
مرتفقا: متكأ .
29-{وقل الحقّ من ربّكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ...}
أي: قل يا محمد للناس: هذا الذي جئتكم به من ربكم ،هو الحق الذي لا مرية فيه ولا شك ،فمن شاء أن يؤمن به ،ويدخل في غمار المؤمنين ؛فليفعل ،ومن شاء أن يكفر به ؛وينبذه وراء ظهره ؛فأمره إلى الله ولست بطارد للمؤمنين من أجل أهوائكم .
قال ابن كثير:{فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر} .هذا من باب التهديد والوعيد الشديد ؛ولهذا قال:{إنا اعتدنا للظالمين نارا أحاط بهم سرادقها ...}
فالله تعالى لا تنفعه طاعة الطائع ،أو إيمان المؤمن ،ولا تضره معصية العاصي ،ولا كفر الكافر ،ولكن هذا الكافر الذي أنف من الحق ،واستكبر عن الدخول في الإسلام ظلما وعدوانا ،قد أعد الله له نارا مؤججة ،يحيط به لهيبها من كل جانب ،كما يحيط السرادق بمن حل فيه ،فلا مخلص منه ولا ملجأ إلى غيره .
وقال ابن كثر:
{أحاط بهم سرادقها ...} أي: سورها ،كإحاطة السوار بالمعصم .
أخرج أحمد والترمذي في صفة النار وابن جرير في تفسيره: عن أبي سعيد الخدري ،عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( لسرادق النار أربعة جدور كثافة كل جدار مسافة أربعين سنة ) .
وقال ابن عباس:
{أحاط بهم سرادقها ...} قال: حائط من نار32 .
{وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه} .
والمهل: ماء جهنم أسود منتن غليظ حار ،ولهذا قال:{يشوي الوجوه} .أي: من حره إذا أراد الكافر أن يشربه ،وقرّبه من وجهه: شواه حتى تسقط جلدة وجهه فيه .
وأخرج أحمد والترمذي: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( ماء المهل كعكر الزيت ؛فإذا قربه إليه سقطت فروة وجهه فيه )33 .
{بئس الشراب وساءت مرتفقا} .
أي: بئس هذا الشراب ،وما أقبحه ؛فهو لا يطفئ غلّه ،ولا يسكن حرارة الفؤاد ؛بل يزيد فيها إلى أقصى غاية ،وما أسوأ هذه النار منزلا ومقيلا يرتفق به أهل النار !
قال تعالى:{إنها ساءت مستقرا ومقاما} .( الفرقان: 66 ) .