وفي الآية الأخيرة من هذه المجموعة وصف للخاشعين: ( اَلَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاَقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ) .
كلمة «يَظُنُّونَ » من مادة «ظنّ » وقد تأتي بمعنى اليقين{[125]} .وفي هذا الموضع تعني الإِيمان واليقين القطعي .لأن الإِيمان بلقاء الله والرجوع إليه ،يحيي في قلب الإِنسان حالة الخشوع والخشية والإِحساس بالمسؤولية ،وهذا أحد آثار تربية الإِنسان على الإِيمان بالمعاد ،حيث تجعل هذه التربية الفرد مائلا دوماً أمام مشهد المحكمة الكبرى ،وتدفعه إلى النهوض بالمسؤولية وإلى الحق والعدل .
ويحتمل أن يكون استعمال «الظن » في الآية للتأكيد ،أي أن الإِنسان لو ظنّ بالآخرة فقط فظنه كاف لأن يصده عن ارتكاب أي ذنب .وهو تقريع لعلماء اليهود وتأكيد على أنهم لا يمتلكون إيماناً باليوم الآخر حتى على مستوى الظن ،فلو ظنوا بالآخرة لأَحسّوا بالمسؤولية ،وكفّوا عن هذه التحريفات !{[126]} .وفي آيات أخرى إشارة إلى هذا المعنى كقوله تعالى: ( فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبّهِ فَلْيَعْمَلْ عملا صَالِحاً ) ( الكهف ،10 ) )
/خ46