تتطرق الآية إلى وصف آخر للقرآن ،إذ تقول: ( قرآناً عربياً غير ذي عوج ) .
في الحقيقة ،تمّ هنا ذكر ثلاث صفات للقرآن:
الأُولى كلمة ( قرآناً ) التي هي إشارة إلى حقيقة أنّ الآيات الكريمة ستبقى تتلى دائماً ،في الصلاة وفي غير أوقات الصلاة ،في الخلوات وفي أوساط الناس ،وعلى طول التاريخ الإسلامي حتى قيام الساعة ،وبهذا الترتيب فإن آيات القرآن ستبقى نور الهداية المضيء على الدوام .
الصفة الثانية هي فصاحة وحلاوة وجاذبية هذا الكلام الإلهي ،الذي عبّر عنه ب ( عربياً ) لأنّ إحدى معاني العربي هي الفصاحة ،والمقصود منه هنا هذا المعنى .
الصفة الثّالثة ،ليس فيه أي اعوجاج ،فآياته منسجمة ،وعباراته ظاهرة ويفسّر بعضها البعض .
الكثير من اللغويين وأصحاب التّفسير قالوا: إنّ ( عوج ) ( بكسر العين ) تعني الانحرافات المعنوية ،في حين أنّ ( عوج ) بفتح العين ،تعني الإعوجاج الظاهر .ومن النادر استعمال العبارة الأولى في الإعوجاج الظاهري ،ما في الآية ( 107 ) من سورة طه: ( لا ترى فيها عوجاً ولا أمتاً ) لهذا فإنّ بعض اللغويين يعتبرونها أكثر عمومية .
وعلى أية حال ،فإنّ الهدف من نزول القرآن الكريمبكل هذه الصفات التي ذكرناها هو ( لعلهم يتقون ) .
وممّا يلفت النظر أنّ الآية السابقة انتهت بعبارة: ( لعلهم يتذكرون )وهنا انتهت بعبارة: ( لعلهم يتقون ) لأنّ التذكّر يكون دائماً مقدّمة للتقوى و«التقوى » هي ثمرة شجرة «التذكر » .