المفردات:
كيدهن: احتيالهن .الكيد: ضرب من الاحتيال .قد يكون محمودا ومذموما ،وهو في المذموم أكثر .
أصب إليهن: أي: أمل إليهن ،وأستجب إلي هواهن ،يقال: صبا إليه ،يصبوا صبوا ،أي: مال إليه ،والصبوة هي: الميل مع الهوى .
التفسير:
33{قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُن مِّنَ الْجَاهِلِينَ} .
هنا لجأ يوسف إلى ربه ؛عندما شاهد عودة زليخا إلى المراودة والتهديد والوعيد ،وشاهد دعوة النسوة له إلى إجابة طلبها ،وربما عرضن أنفسهن عليه مبهورات بجماله ؛فخشي من هذا الإغراء المتتابع ،ومد يديه إلى الله داعيا ،مستجيرا ،طالبا منه: الثبات والمعونة ،مفضلا السجن وما فيه من خشونة العيش وشظف الحياة ،على الوقوع في المعصية ،واقتراف الزنا .
واستمر في دعاء مولاه: بأن يصرف عنه كيد النسوة ،وتدبيرهن المحكم لإغوائه ؛حتى لا يتأثر بهذا الإغواء ؛فيستجيب لهن بمقتضى الطبيعة البشرية ،أو بميل إلى الاستجابة لهن ،وبذلك يكون ممن جهل حق العلم ،وحق الله في الطاعة والانصراف عن الغواية .
وقد ذكر الإمام القرطبي في معاني الآية:
"قال يوسف: رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه من الزنا ،أو أحب إلي من أن آتي ما تكره ".
{وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُن مِّنَ الْجَاهِلِينَ} .
يقول: وإن لم تدفع عني يا رب فعلهن الذي يفعلن بي في مراودتهن إياي على أنفسهن ؛{أصب إليهن} .يقول: أميل إليهن ،وأتابعهن ما يردن مني ويهوين .من قول القائل: صبا فلان إلى كذا ،ومنه قول الشاعر:
إلى هند صبا قلبي *** وهند مثلها يصبى17