{ولما فصلت العير قال أبوهم إني لأجد ريح يوسف لولا أن تفندون94 قالوا تالله إنك لفي ضلالك القديم95} .
المفردات:
فصلت العير: خرجت القافلة ،يقال: فصل من البلد ،يفصل فصولا ؛إذا انفصل منه وجاوز حيطانه .
تفندون: تنسبونني إلى الفند وهو الخرف و فساد العقل من الهرم والشيخوخة ،وفي معناه ما قاله ابن عباس: لولا أن تسفهون .
التفسير:
94{ولما فصلت العير قال أبوهم إني لأجد ريح يوسف لولا أن تفندون} .
تحركت القافلة من إخوة يوسف ؛متجهة من أرض مصر إلى العريش ،في طريقها إلى بيت المقدس ،وحين جاوزت العريش ،وانفصلت عن حدود مصر ؛تحركت الريح فحملت رائحة القميص إلى أنف يعقوب ،وبينهما ثمانون فرسخا أو ثمانية أيام ؛وأحس يعقوب برائحة القميص ؛فقال لمن حوله: إني أتنسم الآن رائحة يوسف ،وأثق بوجوده ،وقرب لقائه ،ولولا أن تنسبوني لي ضعف العقل والتخريف ؛لقلت لكم: إن لقائي بيوسف قد اقترب .
وبعض المفسرين نسب ذلك إلى شدة إحساس يعقوب بولده ؛فتذكر رائحة قميصه وهو صغير ،أو هو سر من أسرار الروح التي تستشعر عن بعد ما يحدث مع وجود مسافات شاسعة بين الروح وبين الأمر الذي تشعر به .
وفسر آخرون الأمر على أنه: معجزة إلهية لنبي الله يعقوب عليه السلام .
قال الإمام مالكرحمه اللهأوصل الله تعالى ريح قميص يوسف ليعقوب ،كما أوصل عرش بلقيس إلى سليمان ،قبل أن يرتد إلى سليمان طرفه .
"وعموما: علينا التسليم بما أخبره القرآن الكريم وهو حق وصدق ،دون البحث في كنهه أو صفته ما دام ذلك داخلا في حيز الإمكان "44 .
والمعجزة أمر خارق للعادة يظهره الله على يد مدعي الرسالة ؛تصديقا له في دعواه ،فيعقوب رسول كريم يسر الله له معرفة الواقع وهو اقتراب القميص ،واقتراب لقاء يوسف عليه السلام .