{هذا بلاغ للناس ولينذروا به وليعلموا أنما هو إله واحد وليذكر أولوا الألباب} .
تأتي هذه الآية في ختام سورة إبراهيم ،التي تحدثت عن رسالة الرسل وموقفهم من المنكرين ،ورسمت صورة مؤلمة للظالمين ،وختمت السورة بهذه الآية ،وفيها رنين وإيقاع متميز ،يوضح أهداف الرسالات السماوية ،في سورة إبراهيم ،أو في القرآن الكريم ،فهذه السورة{بلاغ للناس} ،أي: تبليغ ودعوة وإعلام بهذا الكتاب ،كما قال سبحانه:{يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك} ( المائدة:67 ) .
{ولينذروا به} .
أي: ليكون نذيرا للظالمين ،وتنبيها للكافرين ؛ليتأملوا ما أصاب الأمم السابقة في الدنيا ،وما يصيب الظالمين يوم القيامة .
وفي هذا المعنى يقول تعالى:{الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا* قيّما لينذر بأسا شديدا من لدنه ...}( الكهف:2 ، 1 ) .
{وليعلموا أنما هو إله واحد} .
ليعلم الناس أن خالق هذا الكون البديع المنظم ،إنما هو إله واحد لا شريك له ،ولا ندّ له ،ولا مثيل ،ولو كان معه آلهة أخرى ؛لاختلّ نظام الكون واضطرب .
قال تعالى:{لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا} ( الأنبياء:22 ) .
{وليذكر أولوا الألباب} .
أي: ليتعظ ويستفد من هذا الكتاب أصحاب العقول الفاقهة ،والقلوب المتفتحة ؛فإنما يستفيد بالرسالات والكتب السماوية أصحاب العقول ،والقلوب التي تفتحت وآمنت ،وتزودت بالعلم والتقوى .
قال الإمام الرازي: هذه الآية دالة على: أنه لا فضيلة للإنسان إلا بسبب عقله ؛فقد بين القرآن: أن الله إنما أنزل هذه الكتب وإنما بعث الرسل ؛لتذكير أولي الألباب ... 37 .