/م120
المفردات:
بالحكمة: المقالة المحكمة المصحوبة بالدليل الموضح للحق ،المزيل للشبهة ،أو حسن التأني للأمور ،واختيار اللفظ المناسب ،والبيان المناسب .
الموعظة الحسنة: الأدلة الظنية المقنعة للعامة ،وكل ما يناسب الناس ،ويحببهم في الدين والهدى والطاعة .
جادلهم: الجدال: الحوار والمناظرة ؛لإقناع المعاند ،وينبغي أن يكون بالأسلوب الأمثل الهادئ الرزين .
التفسير:
{ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن ...} .
تأتي هذه الآية وما بعدها في أعقاب سورة النحل المكية ،تتحدث عن أسلوب الدعوة إلى الله تعالى وتتحدث عن أسلوب في الحياة ،يهتم بالصبر والاحتمال والإيمان بالله ،والثقة بما عنده .
إن الدعاة مطالبون بدراسة علمية عالية ،لفنون القول والخطاب ،والإحاطة بالمعلومات وطرق الجدال ،وبيان الحجة ،أحيانا نكتفي بالبيان المناسب ،والمعلومات المفيدة ،وأحيانا نحرك القلوب بالموعظة الحسنة ،والتذكير بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ،وأحيانا نناقش الناس بالحجة ،ونجادلهم بالمعروف وبالكلمة الطيبة ؛لنبين الخطأ والصواب ،وهذا معنى قوله تعالى:
{ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن} .
{الحكمة} .تشمل القول المحكم الصحيح ،الموضح للحق ،المزيل للباطل ،الواقع من النفس أجمل موقع .
{والموعظة الحسنة} .بيان العبر والمواعظ التي جعلها الله في القرآن الكريم ،مثل: وصف السماء ،والأرض ،والجبال ،والبحار ،والأنهار ،والفضاء ،والهواء ،والليل ،والنهار ،والحياة ،والموت ،وغير ذلك مما يبين فضل الله على عباده ودعوتهم إلى طاعته وإتباع أمره واجتناب نهيه .
{وجادلهم بالتي هي أحسن} .
أي:ناقش المخالفين بالهدوء والبيان ،بلا تحامل على المخالف ،ولا ترذيل له ،حتى يطمئن إلى الدعوة ،وينظر إلى الموضوع نظرة واقعية عميقة ،فالجدل بالتي هي أحسن ،هو الذي يفتح نفس المخاطب ،ويطمئنه إلى الهدى والرشاد .
{إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين} .
إن الدعاة هداة لا قضاة ،وكذلك الأنبياء والرسل ،عليهم تبليغ الدعوة والنصح والنقاش الهادئ ،أما الهداية والدخول في الإسلام الحق ،فتلك مهمة الله الخالق البارئ الهادي .
قال تعالى:{ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء ...}( البقرة:272 ) .
وقال سبحانه:{إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء} ( القصص:56 ) .
وقال سبحانه:{فذكر إنما أنت مذكر* لست عليهم بمصيطر} ( الغاشية: 22 ، 21 ) .
والمعنى: اسلك أيها الرسول سبل الدعوة وأساليبها المفيدة النافعة ،أما الهداية العملية ،وانتقال الناس من الضلالة إلى الهدى ،فذلك أمر بيد الله تعالى ؛فهو أعلم بالضالين المعاندين ،وهو أعلم بالمهتدين الطائعين ،وسيجازي كل فريق بما يستحق .