/م40
المفردات:
تسبح له: تنزهه عن النقائص وتقدسه .
تفقهون: تفهمون .
التفسير:
44-{تسبح له السماوات السبع والأرض ومن فيهن وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم إنه كان حليما غفورا} .
أي: إن السماوات السبع والأرض ومن فيهن من المخلوقات تنزهه وتعظمه عما يقول هؤلاء المشركون ،وتدل بإتقان صنعها على تنزيه الله سبحانه عن كل نقص وأنه لا شريك له ،وما من شيء من المخلوقات في ملكه الواسع إلا ينزهه كذلك مع الثناء ،ولكن الكافرين لا يفهمون هذه الأدلة ؛لاستيلاء الغفلة على قلوبهم وكان الله حليما عليهم ،غفورا لمن تاب فلم يعاجلهم بالعقوبة .
والآية تدل على أن الأشياء كلها تسبح لله وتسجد له ،بعضها بالتسخير وبعضها بالاختيار .
( وذهب كثيرون إلى أن التسبيح المذكور مجازي ،على طريقة الاستعارة التمثيلية أو التبعية .كنطقت الحال .فإنه استعير فيه التسبيح للدلالة على وجود فاعل قادر حكيم واجب الوجود منزه عن الولد والشريك ،كما يدل الأثر على مؤثره فجعلت تلك الدلالة الحالية كأنها تنزيه له عما يخالفه{[412]} ،كما قال أبو نواس:
وفي كل شيء له آية *** تدل على أنه الواحد
وجاء في ظلال القرآن:
وأنه لمشهد كوني فرد حين يتصور القلب كل حصاة وكل حجر ،كل حبة وكل ورقة ،كل زهرة وكل ثمرة ،كل نبتة وكل شجرة ،كل حشرة وكل زاحفة ،كل حيوان وكل إنسان ،كل دابة على الأرض وكل سابحة في الماء والهواء ...ومعها سكان السماء ...كلها تسبح لله وتتوجه إليه في علاه .
وإن الوجدان ليرتعش وهو يستشعر الحياة تدب في كل ما حوله مما يراه ومما لا يراه ،وكلما همت يده أن تلمس شيئا ،وكلما همت رجله أن تطأ شيئا ...سمعه يسبح لله ،وينبض بالحياة{[413]} .
وقد أخرج الإمام أحمد وابن مردويه عن ابن عمر: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إن نوحا عليه السلام لما حضرته الوفاة قال لابنه: آمركما بسبحان الله وبحمده ؛فإنها صلاة كل شيء ،وبها يرزق كل شيء ) .