/م59
60-{إلا من تاب وآمن وعمل صالحا فأولئك يدخلون الجنّة ولا يظلمون شيئا} .
أي: لكن من تاب إلى الله تعالى ،وآمن به إيمانا صادقا ،وأتبع ذلك بالعمل الصالح ،فإن الله تعالى يقبل توبته ،ويدخله الجنة ،ويكافئه ويجازيه أحسن الجزاء ،ولا ينقصه شيئا من جزاء عمله .
وقد تكرر هذا المعنى في القرآن الكريم ؛دعوة إلى التوبة وحثا عليها ،ورأفة ورحمة ببني آدم ،الذين أغواهم الشيطان ،ودعوة لهم أن ينتصروا على شهواتهم ، وأن يفروا إلى ربهم ؛فإن بابه مفتوح بالليل والنهار ،والصباح والعشي ،يقبل التوب ويغفر الذنب ،وفي الآيات الأخيرة من سورة الفرقان ،وصف لعباد الرحمن ،ثم قال سبحانه:{والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق آثاما .يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا .إلا من تاب وآمن وعمل صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما .ومن تاب وعمل صالحا فإنه يتوب إلى الله متابا} .( الفرقان: 71 ، 68 ) .
وذكرت آيات التوبة والدعوة إليها في القرآن الكريم كثيرا فالإنسان خطاء ،والله تعالى كريم حليم لذلك يدعو عباده إلى التوبة والإنابة ،وينهاهم عن اليأس والقنوط قال تعالى:{قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم} .( الزمر: 53 ) .
وحفلت كتب السنة النبوية ،وكتب الأحاديث القدسية ؛بالدعوة إلى التوبة النصوح ،وحثت عليها المؤمنين ،وحذرتهم من التسويف واليأس ،ودعتهم إلى الرجاء والأمل في وجه الله تعالى .
وفي الحديث الذي أخرجه ابن ماجة عن ابن سعود والحكيم الترمذي: عن أبي سعيد الخدري .يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( التائب من الذنب كمن لا ذنب له )xiii .
وفي صحيح البخاري يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( يقول الله عز وجل: ما تقرب عبدي إلي بشيء أحب إلي من أداء ما افترضته عليه ،ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه ،فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به ،وبصره الذي يبصر به ،ويده التي يبطش بها ،ورجله التي يمشي عليها ،ولئن دعاني لأجيبنه ،ولئن سألني لأعطينه )xiv .
وروى الإمام أحمد في مسنده: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( يقول الله عز وجل: وعزتي وجلالي لو أتاني عبدي ليلا قبلته ،ولو أتاني نهارا قبلته ،وإن استقالني أقلته ،وإن استغفرني غفرت له ،.....،ومن جاء إليّ تلقيته من بعيد ،ومن ترك لأجلي أعطيته فوق المزيد ،ومن تعرف لحلولي وقوتي ألنت له الحديد )xv .